عطاف ابناء عصر
إتحاف أبناء العصر بتاريخ ملوك مصر
اصناف
ومن ابتداء حكم الإمبراطور كلود الذي خلف هذا الإمبراطور لغاية حكم الإمبراطور ويسبيزيان لم يحدث بمصر أمور مهمة تستحق الذكر، وفي عصر الإمبراطور الأخير حصل مصاب عظيم ببلاد إيطاليا أورث المملكة هما وغما؛ وذلك أن جبل النار المسمى قيزوف حصل فيه فوران فابتلع مدينتي هيرقولانوم وبومبي، وخرب الحريق معابد كثيرة في روما، ومكث بها ثلاث أيام ثم أعقب ذلك طاعون أهلك أناسا كثيرين.
فتح تيتوس عاشر إمبراطورات روما مدينة بيت المقدس، وعمر هيكل الإسرائيليين الذي كان بمحل يعرف باسم «تل اليهود»، وفي نصف القرن الثاني من التاريخ المسيحي أغار على مصر والنوبة أمم متبربرة كانوا على شواطئ البحر الأحمر، فقتلوا العباد وأحرقوا البلاد ودمروا الهياكل والمعابد.
وفي زمن الإمبراطور تراجان استولى الرومانيون على بلاد العرب النباتيين، وأخذوا مدينة «بترة» وزخرفوها بمباني على نسق المباني اليونانية، باقية آثارها إلى الآن، وحق على التاريخ أن يلوم عليه على ما وقع منه من التسلط في حق النصارى، وفي ذلك الوقت نقصت مياه الترعة التي كان فيها تل بسطة، وتصب بالبحيرات المرة التي كان حفرها بطليموس فيلادلفيس، فأنشئت ترعة أخرى فيها بالقرب من مصر القديمة «بابيلون مصر» وتصب بالبحر الأحمر بالقرب من القرية المسماة قديما بالقلزم - السويس الآن - وتوفي تراجان في سيسيليا، فاختار عساكر الشام قريبه أدريان، وصدق مجلس السناتو على ذلك، فأخذ بالسياحة في جميع ممالكه، وفي أيامه عصت عليه أمة اليهود فطردهم من فلسطين وتفرقوا في البلاد. وفي زمنه وعصر أنطونين ومرك أوريل كانت بلاد مصر في هدوء وراحة، والإمبراطور الأخير هو الملقب باسم «الفيلسوف»؛ لأنه كان فيلسوفا علما وعملا، ولم يمنعه ذلك من القيام بواجب المملكة، فإنه انتصر مرارا على متوحشي الجرمانيين، وكانت جيوشه من النصارى، ومن ثم عاملهم بالعدل والإنصاف، وتوفي مرك أوريل سنة 180م، وفي ذلك العصر كان وجود الجغرافي بطليموس صاحب الكتاب المجسطي الشهير، وكان بمدينة الفرما - من أعمال مصر.
وفي عصر الإمبراطور غاليان كان قد لحق الإسكندرية الخراب التام، وأشركه في الملك شيخ عربي يدعى «أودينه» الذي هزم الفرس شر هزيمة، وبعد موت العربي قام بالأمر بعده امرأته المسماة زينوبيا التي أتت إلى مصر، ولم يمكنها فتح مدينة الإسكندرية إلا بعد موت قلوديوس الذي كان قد أشهر نفسه إمبراطور مدينة الإسكندرية، وكان مقر حكومتها مدينة البالمير - بالشام - ثم هزمها الإمبراطور أوريليان وحملها إلى مدينة «إيمسه»، فأحد أتباعها المدعو فورموس الشامي أثار فتنة بالوجه القبلي كانت سببا في عصيانه على أوريليان، فبذل همته الإمبراطور المذكور وأطفأ نار تلك الفتن، وقتل الشامي المذكور، وذلك سنة 271م. وفي زمن الإمبراطور دقلطيانوس الذي حكم من 284 إلى 305م عصت عليه أهل مصر؛ لجور نوابه على رعاياهم، فأتى الإمبراطور المذكور وجاليريوس شريكه في الحكم إلى مصر؛ لإطفاء نيران ذلك العصيان، فخربا الوجه القبلي وأحرقا بلاده حتى مدينة قبط 292م، وقد ترك دقلطيانوس لأمة النوبة الأراضي الواقعة بين الشلالين الأوليين، وبنى سورا باق في آثاره إلى الآن؛ لمنع تعدي الأمم المتبربرة على مصر، وبعد ذلك ظهر بالإسكندرية العامل «أشللي»، وأعلن لنفسه الإمبراطورية، فأتى دقلطيانوس بنفسه وحاصر مدينة الإسكندرية مدة ثمانية شهور، وأخذ المدينة المذكورة وقمع أهل الفتنة، ووضع تمثال الإمبراطور على عمود في وسط هيكل سيرابيوم بالإسكندرية، وسموه عمود بومبيه، وهو المعروف الآن بعمود السواري، وقتل أناسا عديدين من المسيحيين، وألقى رممهم غنيمة للحيوانات المفترسة، قاصدا بذلك دخول أهل مصر في ملته، ومع ذلك لم ينجح في جميع مقاصده، وتؤرخ القبط من حادثته.
وأما الإمبراطور قسطنطين الذي حكم من 306-337م ففي عصره انتشرت ديانة المسيح عليه السلام، وتوجه أحد سكان الإسكندرية المدعو فريمنتوس إلى بلاد الحبشة وتكلم في شأن الديانة المسيحية التي لم تتبع إلا بعد ذلك بقرنين، وفي عصر قسطنطين انتقل تخت المملكة من روما إلى القسطنطينية؛ حيث كان الذي أسسها وجمع البطارقة ووضعوا له الشرائع النصرانية، وسارت أمة هيلان - أي اليونان - إلى القدس، وأخرجت خشبة الصليب، وأقامت لذلك عيدا، ومن ذلك الوقت أطلق على أهل مصر اسم الأقباط نسبة إلى مدينة قبط التي بالصعيد.
وقبل موته قسم المملكة بين أولاده، فمن هذا التقسيم حصل الاختلاف بينهم وقتل بعضهم بعضا، وما زال هذا الاختلاف إلى عصر الإمبراطور تيودوز الذي حكم سنة 379م، وفي مدته صدرت الأوامر القيصرية لجميع الولايات الرومانية باتباع الديانة المسيحية، ونشرت قرارات بغلق معابد وهياكل الديانة الوثنية وهدمها، ومن ثم هدم هيكل سيرابيوم سنة 879م واحترقت الكتبخانة، وأصلح الأحوال بحسن سياسته وتدبيره، وكان له ولدان وهما أرقاديوس وهونوروس فقسم المملكة بينهما، ولكن لم يحصل ذلك إلا بعد موت شريكه فالنتينيان الثاني سنة 389، وجعل الأول على المشرق وتخته مدينة القسطنطينية، وجعل الثاني على المغرب وقاعدته مدينة روما، وهذا التقسيم كان سببا في خرابها الأخير وزوالها بظهور دولة آل عثمان.
الفصل الثامن
في الكلام على إمبراطورات القسطنطينية ودولة اليونان السفلى
حكمت هذه الدولة بعد انقسام المملكة الرومانية سنة 395م، وانقرضت بظهور السلطان محمد خان الثاني من آل عثمان 1453م. ولنذكر أشهر إمبراطوراتها فنقول:
ذكر الإمبراطور أرقاديوس
نامعلوم صفحہ