عطاف ابناء عصر
إتحاف أبناء العصر بتاريخ ملوك مصر
اصناف
الحروب الداخلية بين يولص قيصر وبومبيوس قيصر
ولما مات كراسوس شريكهما في الملك واشتهر يولص قيصر «سيزار» بفتح بلاد الغول، حقد عليه بومبيوس قيصر «بومبيه»، وأغرى المجلس عليه حتى نزع منه رياسته، إلا أن يولص قيصر المذكور كان قد أحدث له بروما حزبا عظيما، ومع ذلك فإن الجيوش التي قادها مدة مديدة من الزمن كانوا محبين له، فامتنع من الامتثال لأمر مجلس السناتو، فأشهره في الحال عدوا عموميا، وأمر بومبيوس بالقيام بملاحظة المملكة وذلك سنة 49ق.م، فخرج يولص قيصر على روما، ولما دنا منها هرب بومبيوس إلى مقدونيا، فتبعه خصمه فيها، فاقتضى الحال لمعركة قاطعة لهذا المشكل، فحصل ذلك في أودية فرساله وذلك سنة 48ق.م، فانتصر عليه يولص قيصر وفر هاربا إلى بطليموس الثاني عشر ملك مصر الذي كان له الفضل عليه؛ حيث ساعده في توليته ملك مصر، فقتله هذا الملك الخائن. وقيل إن يولص قيصر لما بلغه هذا الخبر لم يستطع أن يحجز دموعه، وتم الأمر كما تقدم، ثم توجه إلى آسيا لمحاربة فرناس بن ميتريدات وانتصر عليه، ومحا آثار حزب بومبيوس من الدنيا، وتقلد بمنصب الدكتاتور الدائمي - أي الذي لا يعزل - وحكم بغاية العدل والإنصاف، وعفا عن أعدائه، ولكن تعصب عليه جملة من الجمهورية، فلما بلغه هذا الخبر تعند ودخل المجلس في اليوم الذي كان قد اجتمع فيه المتعصبون على قتله فضربوه ثلاثة وعشرين خنجرا، وذلك سنة 44ق.م. (5-7) حكومة الثلاثة رجال الثانية «وذكر واقعة أكسيومه»
ولما قتل يولص قيصر حصل عصيان مهول بين الأمة وحوادث جسيمة، تسبب عنها التجاء مرك أنطوان إلى ليبيدوس رئيس الغول القاطنين وراء جبال الألب، وأما أقطاوس «أوكتاف» وارث الدكتاتور المقتول - لم يكن ابنه وإنما كان متخذه ابنا - لما رأى أن اعتباره بروما أخذ في الانحطاط ذهب إلى أنطوان وليبيدوس وأشركهما معه في الحكم، فبدءوا بتشتيت جميع أعدائهم وجرى الدم في أطراف روما، وكان يعلق في المحل العمومي صبيحة كل يوم قوائم طويلة بأسماء من صدرت الأوامر بقتلهم، فلما تعبت القضاة الثلاثة من الأمر بالشنق والانتقام ختموا ذلك بقتل بروطوس الذي كان موجودا في مقدونيا، ثم إن الاتفاق بينهم لم يطل؛ وذلك أن أقطاوس ابتدأ بنفي ليبيدوس وحكم هو وأنطوان بالاشتراك مع بعضهما، ثم قسم المملكة بينهما، واكتفى أقطاوس بأمر المغرب، وأنطوان بأمر المشرق، لكن لما تنازل أنطوان عن الأقاليم الرومانية الشرقية لامرأته كليوبترة ملكة مصر قام أقطاوس وأعلن حرب أنطوان، الذي كان نسي نفسه من وجوده عند كليوبترة التي دهشته محاسنها، فانهزم أمام خصمه في واقعة بحرية قريبا من مدينة أكسيومه - في الشمال الغربي من بلاد اليونان - وذلك سنة 31، وقتل أنطوان وكليوبترة نفسهما كما تقدم ذلك، ودخلت مصر تحت حكم الرومان.
الفصل السابع
في تاريخ مصر تحت حكم الرومان
ولما انفرد أقطاوس بالحكم لقب نفسه بأغسطس قيصر، وأبطل تأثير الجمهورية، ولم يبق لها إلا الاسم فقط؛ لأن أغسطس قيصر كان مطلق التصرف والحكم، ولما صار ملكا تشبث بالعدل، مع أنه قبل توليته كان ذا قساوة، وشرع في ترتيب القوانين العدلية لراحة الرعية، فرغبت في حكمه ممالك الشرق، وكان العامل من طرفه على مصر إليوس غالوس، فاجتهد هذا العامل في إصلاح ما أفسدته يد الفتن في آخر حكم البطالسة، ثم عزله أغسطس؛ لداعي أنه رحب بأعدائه المنفيين من روما، وولى مكانه بطرونيوس، ففي مدته صدرت إليه الأوامر القيصرية بمحاربة بلاد العرب، فما أمكنه إطاعتها؛ لداعي صعوبة أقطارهم، ولما كان هذا النائب غائبا ببلاد العرب هجمت على مصر ملكة السودان المسماة قنداس، واستولت على أقاليم الصعيد، فحين رجع هزم السودانيين شر هزيمة، وضرب عليهم الجزية وصير مملكتهم تابعة لبلاد روما.
وكان العامل من طرف أغسطس قيصر على أمة اليهود هو هيرودوس الذي في عصره ولد المسيح عيسى عليه السلام 622 قبل الهجرة، فأراد قتله هذا العامل، فأخذته أمه السيدة مريم ويوسف النجار وهربت إلى مصر، ومكثت مدة سنتين، وكانت ولادته في بيت لحم «بالقدس»، ثم عادت إلى الشام ونزلت بمدينة الناصرة، وبها سميت النصارى، وكان في ذلك الوقت مات هذا العامل، ومات أغسطس 14م، فكانت مدة حكمه 43 سنة غير رياسة الجمهورية، وفي عصره وفد على مصر الجغرافي استرابون اليوناني ووصفها وصفا عجيبا.
ذكر الإمبراطور طيبريوس بن أغسطس
وكانت مصر في أيامه سعيدة الطالع لم تتنازل عن بهجتها، ولكونه كان قاسي القلب على أكابر روما كان لا يسوغ لحكام أقاليمه بظلم الرعية أصلا، وهو الذي بنى مدينة طبرية بالشام، وفي عهده رفع المسيح عيسى عليه السلام إلى السماء، وكان هو الذي أمر بتسليمه لليهود؛ كي يصلبوه - والقصة مشهورة - وكان قد تعدى قبحه أن قتل جميع أقاربه وأصدقائه ومن كان محترما من الأهالي، وكان المساعد له سيجان وزيره، فكسا مدينة روما ملابس الحزن، وذهب إلى جزيرة كابريه - في مدخل خليج نابولي - وانهمك على اللذات والمعاصي إلى أن مات سنة 37م.
وتحت حكم كاليغولة تكاثر ورود بني إسرائيل إلى مصر، وأرادوا أن يتمتعوا فيها كما كان ذلك زمن البطالسة؛ حيث كان لهم علاقات مع المقدونيين، فأمرهم عامله على مصر بدخول تمثال الإمبراطور في كنائسهم، ومن يمتنع من ذلك ولم يؤد له حق الإله على المعبود عذب عذابا شديدا، فذهب فوكون أحد علماء ذلك العصر إلى روما ليترافع عن حقوق أبناء وطنه، فلم يعد من سفره فائدة، وكان أقسى قلبا من طيبريوس وأخف عقلا منه، حتى إنه قلد حصانه بوظيفة القنصلية.
نامعلوم صفحہ