الاتقان فی علوم القرآن
الإتقان في علوم القرآن
تحقیق کنندہ
محمد أبو الفضل إبراهيم
ناشر
الهيئة المصرية العامة للكتاب
ایڈیشن نمبر
١٣٩٤هـ/ ١٩٧٤ م
فُضَلَاءَ الْعَصْرِ أَنْكَرَ ذَلِكَ وَقَالَ إِنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ بَلِ الصَّوَابُ أَنَّهَا نَزَلَتْ مُفَرَّقَةً كَالْقُرْآنِ.
وَأَقُولُ: الصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَمِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى ذَلِكَ آيَةُ الْفَرْقَانِ السَّابِقَةُ.
أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَتِ الْيَهُودُ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ لَوْلَا أُنْزِلُ هَذَا الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ عَلَى مُوسَى فَنَزَلَتْ وَأَخْرَجَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ بِلَفْظِ: "قَالَ الْمُشْرِكُونَ " وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ عَنْ قَتَادَةَ وَالسُّدِّيِّ.
فَإِنْ قُلْتَ: لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ قَوْلُ الْكُفَّارِ!
قُلْتُ: سُكُوتُهُ تَعَالَى عَنِ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ وَعُدُولِهِ إِلَى بَيَانِ حِكْمَتِهِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَلَوْ كَانَتِ الْكُتُبُ كُلُّهَا نَزَلَتْ مُفَرَّقَةً لَكَانَ يَكْفِي فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَقُولَ: إِنَّ ذَلِكَ سُنَّةُ اللَّهِ فِي الْكُتُبِ الَّتِي أَنْزَلَهَا عَلَى الرُّسُلِ السَّابِقَةَ كَمَا أَجَابَ بِمِثْلِ ذَلِكَ قَوْلَهُمْ: ﴿وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ﴾ فَقَالَ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ﴾ وَقَوْلُهُمْ: ﴿أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا﴾ فقال: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ﴾ وَقَوْلُهُمْ كَيْفَ يَكُونُ رَسُولًا وَلَا هَمَّ لَهُ إِلَّا النِّسَاءُ! فَقَالَ: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً﴾ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.
1 / 153