الاتقان فی علوم القرآن
الإتقان في علوم القرآن
ایڈیٹر
محمد أبو الفضل إبراهيم
ناشر
الهيئة المصرية العامة للكتاب
ایڈیشن نمبر
١٣٩٤هـ/ ١٩٧٤ م
كَانَ أَقْوَى بِالْقَلْبِ وَأَشَدَّ عِنَايَةً بِالْمُرْسَلِ إِلَيْهِ وَيَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ كَثْرَةَ نُزُولِ الْمَلَكِ إِلَيْهِ وَتَجَدُّدِ الْعَهْدِ بِهِ وَبِمَا مَعَهُ مِنَ الرِّسَالَةِ الْوَارِدَةِ مِنْ ذَلِكَ الْجَنَابِ الْعَزِيزِ فَيَحْدُثُ لَهُ مِنَ السُّرُورِ مَا تَقْصُرُ عَنْهُ الْعِبَارَةُ وَلِهَذَا كَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ لِكَثْرَةِ لِقَائِهِ جِبْرِيلَ.
وَقِيلَ: مَعْنَى ﴿لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ أَيْ لنحفظه فَإِنَّهُ ﵇ كَانَ أُمِّيًّا لَا يَقْرَأُ وَلَا يَكْتُبُ فَفُرِّقَ عَلَيْهِ لِيَثْبُتَ عِنْدَهُ حِفْظُهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّهُ كَانَ كَاتِبًا قَارِئًا فَيُمْكِنُهُ حِفْظُ الْجَمِيعِ.
وَقَالَ ابْنُ فَوْرَكَ: قِيلَ: أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ جُمْلَةً لِأَنَّهَا نَزَلَتْ عَلَى نَبِيٍّ يَكْتُبُ وَيَقْرَأُ وَهُوَ مُوسَى وَأَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ مُفَرَّقًا لِأَنَّهُ أُنْزِلَ غَيْرَ مَكْتُوبٍ عَلَى نَبِيٍّ أُمِّيٍّ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنَّمَا لَمْ يَنْزِلْ جُمْلَةً وَاحِدَةً لِأَنَّ مِنْهُ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ إِلَّا فِيمَا أُنْزِلَ مُفَرَّقًا وَمِنْهُ ما هو جواب لسؤال وما هُوَ إِنْكَارٌ عَلَى قَوْلٍ قِيلَ أَوْ فِعْلٍ فُعِلَ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَنَزَّلَهُ جِبْرِيلُ بِجَوَابِ كَلَامِ الْعِبَادِ وَأَعْمَالِهِمْ وَفَسَّرَ بِهِ قَوْلَهُ: ﴿وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ﴾ أَخْرَجَهُ عَنْهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْآيَةَ تَضَمَّنَتْ حِكْمَتَيْنِ لِإِنْزَالِهِ مُفَرَّقًا.
تَذْنِيبٌ
مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ هَؤُلَاءِ مِنْ أَنَّ سَائِرَ الْكُتُبِ أُنْزِلَتْ جُمْلَةً. هُوَ مَشْهُورٌ فِي كَلَامِ الْعُلَمَاءِ وَعَلَى ألسنتهم. حتى كاد يَكُونَ إِجْمَاعًا وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ
1 / 152