-130- طاعة لهذا الامام في خاص أمره ، إلا ما أوجب الله عليه في جملة الإسلام ، أن عليه طاعة الإمام فيما جعل الله عليه من الطاعة له ، فكان هذا العالم الغني ، الرئيس الذي قد اجتمعت فيه خصال النفع قد عافاه الله من محنة الطاعة للإمام ، ولم يعافه الله من ولاية الإمام إذا بلغ إلى علم ذلك .
والمسلم في جملته يتولى الإمام ويدين بطاعة الإمام ، فهو فى طاعة الإمام في الجملة ، معافى منها في الخاص له ، وإذا علم ما تجب به الولاية لم يسعه إلا الولاية ، ولو لم يوله الإمام عاملا قط ، ولا نفذ عليه له حكم قط ، ولا سمع لأحد من قبله من سعاته ولا ولاته ولا قضاته حجة قط ، فهو في طاعته في الجملة ، وسالم منها في الخصوص ، وعليه ولايته في مخصوص نفسه اذا صح معه ذلك فيه ، فالولاية والبراءة في المحيا والممات سواء ، والمشاهدة والمغيب سواء ، والطاعة إنما تكون بالمشاهدة والحضرة ، من خصه ذلك من أهل المملكة والمصر ، فالاختلاف في الحي والميت من طريق الطاعة والموافقة في الحي والميت ، مع صحة ما تجب به الولاية والعداوة في الحي والميت .
وهذا الذي يصح معنا في تاويل القول في الأئمة ، وما يمع منهم وما لا يسع من طاعتهم وولايتهم ، والحي والميت ، والله أعلم بالصواب .
فصل : وأما تقديم الامام إماما على المسلمين عند المكنة منهم على ذلك ، والقدرة وزوال العذر من التقية ، وحضرة من تقوم به الامامة ، وتقوم به مصالح الأمر في الإمامة ، من الأعلام والقواسم والأنصار والأعوان على الأحكام ، فقد قيل إن ذلك لازم للمسلمين ، ولا يسعهم تركه بعد القدرة عليه ، على ما وصفنا من بلوغهم إلى القيام بذلك ، واعتلوا في ذلك بعلل من ولاية النبي صلى الله عليه وسلم على الأمصار ، وتنفيذ القادة على الجيوش ، وعقد الرايات لبعض دون بعض ، ولبعض بعد بعض ، لقول الله -تبارك وتعالى- : ( ويدرأ عنها العذاب )(1) أي الامام لأنه واحد مذكر ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : "الحدود والجمعة والزكاة إلى الامام ) والأشياء يطول وصفها ، فقالوا إنه يجب
-131-
__________
(1) - الآية (7) من سورة النور.
صفحہ 131