اسلام بیسویں صدی میں: اس کا حال اور مستقبل
الإسلام في القرن العشرين: حاضره ومستقبله
اصناف
على أن الهند - مع بعدها في المشرق - كانت تتجاوب بكل صدى قريب أو بعيد من الدعوات الإسلامية في بلاد العرب، فسرعان ما ظهرت دعوة ابن عبد الوهاب بجزيرة العرب حتى تردد صداها في البنغال (سنة 1804) واتبعتها طائفة الفرائضية بنصوصها الحرفية. فاعتبرت الهند دار حرب إلى أن تدين بحكم الشريعة، ثم تردد صدى الدعوة الوهابية بعد ذلك بزعامة السيد أحمد الباريلي في البنجاب، وأوجب على أتباعه حمل السلاح لمحاربة السيخيين، وتقدمهم في القتال حتى قتل (سنة 1831) ونهض من بعده تلميذه «كرامة علي» فاتصل بطريقة الفرائضية، وأفتى بأن البلاد الإسلامية تجب فيها صلاة الجمعة ولا تحسب من ديار الحرب وإن كان الحكم فيها لغير المسلمين.
وترامت إلى الهند أنباء الدعوة المهدية في السودان، وبخاصة بعد وقعة «هكس» المشهورة، وانهزام القائد الإنجليزي فيها، فقد حذر الإنجليز مغبة هذه الدعوة، ونشروا في أرجاء الهند مئات الألوف من فتاوى العلماء المنكرين لها، وذهب بعض ساستهم إلى الزعيم المصري «أحمد عرابي» في منفاه بسيلان يسألونه عن مهدي السودان، فكان جوابه لهم من جنس السؤال، وقال لهم: إن المهدي في الإسلام هو كل من هداه الله.
وقد تطلعت الهند إلى دعوة جمال الدين الأفغاني كما تطلعت إلى الدعوات التي سبقتها، وصح فيها أنها كانت لاتساعها وتعدد بيئاتها أصلح الميادين لتجربة النافع والضار من حركات العاملين باسم الدين، فثبت من تجاربها جميعا أن أصلح الحركات وأدومها أثرا هي حركات التجديد التي تجاري العصر ولا تنقطع عن أصول الدين، وأخفقت فيها حركات الجامدين المتشبثين بالحروف، كما حبطت فيها حركات المبتدعين الذين انقطعوا عن الأصول، وخرقوا في العقيدة خرقا يخالف جوهر الإسلام.
ولقد بدأ القرن العشرون والمسلمون في الهند يتطلعون إلى دولة الخلافة، ثم أسفرت الحرب العالمية الأولى عن شدة في الحركة الوطنية لم تكن معهودة من قبلها، ثم بلغت هذه الشدة قصواها في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وتعاقبت التجارب التي يراد بها تسليم الوطنيين زمام الحكم حتى استقرت على التجربة الأخيرة بقيام دولتي الهند والباكستان.
إندونيسيا
وإذا كانت الهند أوفى الميادين بتجارب الحركات الدينية فالجزر الإندونيسية أوفى الميادين بتجارب الاستعمار بأنواعه ومشتقاته؛ لأنها كابدت ضروب الاستعمار التجارية والزراعية والثقافية والسياسية، واختبرت أساليب البرتغاليين والهولنديين والفرنسيين والإنجليز، واليابانيين، وعاصرت الاستعمار من أيامه الأولى في الشرق إلى أيامه الأخيرة على النحو الذي صار إليه في القرن العشرين، ولا نظن أن خطة من خطط الاستعمار اتبعت في ناحية من أنحاء العالم لم يتبع لها شبيه في هذه الجزر التي تعد بالألوف.
ولعل هذه الجزر أصلح مكان لتقرير الحقائق عن سر انتشار الإسلام بين الأمم التي كانت تدين بغيره قبل وصوله إليها. ففي كل موضع فيها تصحيح لأوهام من يزعمون أنه دين ينتشر بالسيف ولا ينتشر بغيره، وفي كل موضع دليل من الواقع على فعل القدوة الحسنة في انتشاره بغير عنف؛ بل بغير اجتهاد في الدعوة أكثر الأحيان، وحيثما وجد التجار والرحالون من العرب على شواطئ هذه الجزر فهناك مسلمون على المذهب الذي يأتمون به من مذاهب الأئمة الأربعة، وإذا كان الترك على الأغلب يأتمون بمذهب أبي حنيفة، وكانت للعشائر التركية دولة في الهند، فالدولة لم تصل إلى الجزر بسلطانها وقوتها، بل وصلت إليها بالمسافرين من تجارها، ومهاجريها، ولهذا يوجد الحنفيون حيث وجد هؤلاء التجار والمهاجرون، ويوجد إلى جانبهم أتباع المذهب الشافعي الذين اقتدوا بالعرب القادمين من بلادهم غرباء بغير دولة ولا صولة تكره الناس على مذهبها في شئون العقيدة، وهي أعصى الشئون على الإكراه. ومع هؤلاء وهؤلاء يوجد الشيعة حيث لم توجد قط دولة ذات سلطان تدين بمذهب من مذاهبها، ولم يزد عدد العرب في القرن التاسع عشر على ثلاثين ألفا في جميع جزر الأرخبيل، ولكن المسلمين يقاربون سبعين مليونا من أبناء البلاد الأصلاء وبعض الهنود.
وهذه البلاد من أغنى أقطار العالم بالمحصولات الزراعية، ينمو فيها القصب والبن والشاي والأرز والبطاطس، وتنبت فيها الأشجار التي تخرج الأصماغ المختلفة ومنها صمغ المطاط، وأشهر محصولاتها: الأبازير والتوابل التي تهافتت عليها أوروبا، ومن أجلها حاول الرحالون في القرن الخامس عشر أن يصلوا إلى منابتها من المغرب، فانكشفت لهم القارة الأوروبية على غير انتظار، وسميت جزرها بجزر الهند الغربية مقابلة لهذه الجزر التي كانت تعرف باسم جزر الهند الشرقية.
لا جرم كانت قبلة المستعمرين الأول، وصحبت الاستعمار من أول بعثاته إلى عهده الأخير.
وأبناء هذه البلاد يتكلمون لغة واحدة هي لغة الملايا، وشيوع هذه اللغة بينهم مع شيوع الإسلام هو الذي وحدهم وعودهم الشعور بقومية واحدة، على الرغم من الجهود التي بذلت للتفرقة بينهم بإحياء اللهجات الإقليمية، وتشجيع «الأبجديات» التي تلائم كل لهجة منها، ومن مفارقات الزمن أن الاستعمار قد زود هذه اللغة، على غير قصد منه، بالأبجدية اللاتينية التي رسمت لها كتابة واحدة لا يسهل تنويعها وتفريقها على حسب اللهجات في معاهد التعليم الحديث.
نامعلوم صفحہ