اشتقاق اسماء نطق بها القرآن

ابن عزیز سجستانی d. 330 AH
36

اشتقاق اسماء نطق بها القرآن

كتاب معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن وجاءت بها السنن والأخبار وتأويل ألفاظ مستعملة

اصناف

الشكور الحميد : ومن صفاته الشكور الحميد ، فالشكور بمعنى الشاكر ، وبمعنى مشكور ، وكذلك الحميد بمعنى حامد ، ومعنى محمود ، وحمد الله هو الثناء عليه بصفاته الحسنى ، وشكره الثناء عليه بنعمه ، يقال : حمدت الرجل إذا أثنيت عليه بصفاته بكرم أو حسب أو شجاعة ، وغير ذلك ، وشكرته إذا أثنيت عليه بمعروف أو لاكة (¬1) ، أو خبر فعله بك ، ومن شكر فقد حمد ؛ لأن الشكر يجمع الحمد والشكر جميعا ، فإذا شكرت الرجل لمعروف أو لاكة ، فقد وصفته بالسخاء والكرم ، وهو حمد ، وليس كل من وصف رجلا بالسخاء والكرم من غير أن يصطنع إليه يكون قد شكره ، وأصل الشكر إظهار النعمة ، والحديث بها ، قال الله تعالى : [ وأما بنعمة ربك فحدث ] (¬2) والشكور من الناس الذي يرضى بالقليل من العطاء ، يقال : فلان شكور إذا كان يقنعه القليل ، ومن ذلك يقال لمن قدر عليه الرزق: اشكر الله ، أي اقنع بالقليل ، ويقال : دابة شكور إذا كانت تسمن على القليل من العلف ، فكأن الله سمى نفسه شكورا لأنه يرضى من عباده بالقليل من العبادة 0 /المجيد والماجد : ومن صفاته المجيد والماجد ، وهما في وزن فعيل وفاعل 23ب وهو مأخوذ من المجد ، والمجد الجلالة والعظمة والشرف ، وقد يوصف الإنسان بالمجد ، فيقال : رجل ماجد ، ولا يقال : مجيد ، لأن الماجد هو الذي يفعل المجد بالاكتساب ، والمجيد هو معدن المجيد ، ومثاله حكيم وحاكم ، فالحاكم الذي يفعل الحكم ، والحكيم هو معدن الحكمة ، ويقال : الماجد المتناهي في الشرف والسؤدد ، فقيل لله ماجد ومجيد ؛ لأنه تمجد فكان معدنا للمجد ، والجلالة والعظمة ، ومنه قيل فلان يمجد الله ، أي يعظمه ، وقيل له ماجد لأنه هو الذي يمجده عباده ، أي يعطيهم الفضل والشرف ، وقيل له مجيد ؛ لأنه معدن المجد ، تبارك الماجد المجيد 0

الودود : ومن صفاته الودود ، وهو من الود والمودة ، وهي الوصلة على محبة ، والودود فيه قولان ، أحدهما : فعول بمعنى مفعول ، مثل هيوب بمعنى مهيب ، وتكون فعول بمعنى فاعل ، مثل غفور بمعنى غافر ، ويحتمل المعنيان جميعا هاهنا ، يكون بمعنى الفعل لله تعالى ، أي يود عباده الصالحين ، وبمعنى مفعول ، أي يوده عباده الصالحون ، فكأن الود بينه وبين عباده ، قال الله تعالى : [إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم/الرحمن ودا ] (¬1) ، يعني صلة على24أ محبة لأنهم أحبوه فوصلوا بالطاعة له ، وإخلاص العبادة ، وأحبهم فوصلهم ، بالرضا عنهم والمغفرة لهم ، والود الوتد ، سمي بذلك لأن الحبل يربط به ، ويوصل إليه 0

الباعث : ومن صفاته تعالى الباعث ، والباعث في كلام العرب المثير المنهض ، يقال : بعثت البعير أي أثرته ونهضته عن مبركه، وكذلك بعثت الرجل أثرته من مكانه الذي تمكن فيه وإن اضطجع ، قال الأعشى (¬2) : ( البسيط )

صفحہ 68