تفيد إلا الظن، قلنا: فقد عملت بالظن في رد العمل بها، إذ لا دليل معك قطعي في رد العمل [بهذا] " فهذا ما أشار إليه من الاستدلال - وهو مما زاده على "النخبة" كما أفاده قوله في الديباجة: "إلا ما زدته عليه من الدلائل غيرة على دعاويه العواطل". وقال إمام الحرمين: وهو - أي الخبر - الآحادي - يوجب العمل - أي - بشروطه من العدالة وغيرها أي يكون سببا في وجوب العمل بمضمونه. واختلفوا، فقيل: إن الوجوب بالعقل وإن دل السمع عليه - أيضا -وذلك لأنه لو لم يجب العمل به لتعطلت وقائع الأحكام المروية بالآحاد - وهي كثيرة جدا ولا سبيل إلى القول بذلك. وقيل بالسمع دون العقل؛ وذلك لبعثه ﷺ الآحاد - كما قدمناه - ولعمل الصحابة إلى آخر ما سقناه وساقه شارح "الورقات" ولما قلنا: "ضروبا" بينا ذلك بقولنا:
(١٦) فيها أتى المقبول والمردود ... إذ هي في الأحكام لا تفيد
(١٧) حتى يتم البحث عن ثقاتها ... وطرح من ضعف من رواتها
هذا بيان قوله: "ضروبا" فالمقبول - وهو: من عدلت رواته - ضرب من الآحاد والمردود، وهو - الذي لم يرجح صدق المخبر به - ضرب، والمتوقف فيه ضرب. قال الحافظ: وإنما وجب العمل بالمقبول منها؛ لأنها إما أن يوجد فيها أصل صفة القبول، وهو: ثبوت صدق الناقل أو أصل صفة الرد، وهو: كذب الناقل، أو لا، فالأول: يغلب على الظن صدق الخبر لثبوت صدق ناقله - فيؤخذ به، والثاني: يغلب على الظن كذب الخبر لثبوت كذب ناقله فيطرح والثالث إن وجدت قرينة تلحقه بأحد القسمين التحق وإلا فيتوقف فيه انتهى وقد عرفت أن المتوقف فيه في حكم المردود فقد شمل البيتان الثلاثة الضروب والحاصل أن كل خبر يحتمل
1 / 206