والثاني إرساله ﵌ للآحاد إلى الملوك وغيرهم يدعونهم إلى الإيمان ويعلمونهم الشرائع، وهذا أيضا معلوم، يعرفه - يقينا - من عرف السنن النبوية والسير المحمدية - وكانت تقوم بذلك الحجة على المرسل إليه، ويقبل ﷺ خبر الرسل الآحاد بإخبارهم بإسلام من أسلم وامتناع من امتنع، ويرتب [ﷺ] على ذلك الأحكام الشرعية في الفريقين، ولم يقل أحد ممن أرسل إليه ﷺ الآحاد هذا خبر واحد لا يجب علي العمل به "، وقد أشرنا إلى هذين الدليلين في بغية الآمل، حيث قلنا:
لبعثة المختار للآحاد ... وما أتى عن صحبه الأمجاد
وشاع فيهم عملا وذاعا ... فكان إذ لم ينكروا إجماعا
والمسألة مبسوطة في أصول الفقه. الثالث: قوله: وتقريره ﷺ المسلمين على قبوله فإنه لا يشك [ناظر] أنه ﷺ كان يعلم عمل أصحابه بأخبار الآحاد في عدة قضايا - لا تنحصر - ولم ينكر عليهم، بل يقرهم [على ذلك] فهذان دليلان من السنة فعله ﷺ وتقريره. والرابع: قوله: " ولحسن العمل بالظن عقلا"وهذا دليل عقلي بعد الثلاثة النقلية - وتقريره: أنا نعلم بالضرورة أن من أحضر إليه طعام وأخبره من يظن صدقه أن فيه سما، أو في الطريق - التي يريد سلوكها - سبعا أو لصا، فإن العقل يقضي بحسن ترك ذلك الطعام أو الطريق، وأنه إن أقدم على ذلك لامه العقلاء، وحسن ذمة عندهم. قال السيد محمد: "ولأن راده -[أي]: من رد العمل بالآحاد - تمسك في رده بالظن أي كان دليله على عدم قبوله أدلة ظنية - وإنما فر - أي إنما فر عن العمل بالآحاد - لأنها لا
1 / 205