قالوا: قال الله تعالى: {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} [يس:82] قالوا: فإن كان قوله: كن قديما فهو المطلوب، وإن كان محدثا احتاج إلى كن آخر فيتسلسل.
والجواب: لاشك أن لفظ (كن) حرفان يتقدم بعضهما على بعض ويعدم ثاني وجودها وذلك لا يتأتى في القديم.
وأيضا فالآية على مذهبنا أدل؛ لأنه تعالى أخبر بأنه إذا أراد شيئا قال له كن، وإذا للشرط والشرط إنما يدخل في المستقبل، فيجب أن تكون الإرادة حادثة وأن يكون لفظ (كن) مقارنا لها.
قالوا: القرآن يشتمل على أسماء الله تعالى، والاسم هو المسمى، فيجب أن يكون القرآن قديما، واستدلوا على أن الاسم هو المسمى بقوله تعالى: {سبح اسم ربك الأعلى}[الأعلى:1] وكذلك فأحدنا يقول: طلقت زينب وأعتقت سعدا، والطلاق إنما يقع على الشخص المسمى، وكذلك إذا حلف أحدنا فقال: والله وبالله، ويقول باسم الله، قال الشاعر:
إلى الحول ثم السلام عليكما ... ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر
والجواب: لو كان الاسم هو المسمى لكان إذا ذكر أحدنا النار احترق فمه، قال:
لو أن من قال نارا أحرقت فمه ... لما تفوه باسم النار مخلوق
بل الاسم عبارة عن اللفظ الموضوع للمسمى، فهو غير المسمى، مثاله: رجل، فالاسم عبارة عن هذا اللفظ، وهذا اللفظ هو عبارة عن مسماه المعروف.
وأيضا فلو كان الاسم هو المسمى، فمعلوم أن لله أسماء كثيرة مختلفة وكان يجب أن يتعدد بتعدد أسمائه لاختلافها.
وأيضا فالقرآن عندهم قائم بذات الله تعالى، وأسماء الله من جملة القرآن فيجب أن يكون الله من جملة القرآن حتى يكون أمرا ونهيا، وهذا واضح السقوط.
صفحہ 82