وأيضا فالنسبة إليها قدري بضم القاف وسكون الدال، والأصل عدم تغيير النسبة، فهلم الدليل إلى أنه من تغيير النسب فإنه خلاف الظاهر، وأما من جهة المعنى فهو أن النبي ذمهم ونهى عن مجالستهم وحكم بأنهم شهود إبليس وخصماء الرحمن وشبههم بالمجوس، فسبيلنا أن ننظر في معاني هذه الأطراف.
أما الذم فوجدناهم أحق به؛ لأنهم أضافوا إلى الله كل قبيح من ظلم وعبث وسفه وتكليف مالا يطاق، والاضلال عن الدين ونحو ذلك مما لو نسبته إلى أحدهم لأنف منه ونفاه عن نفسه، ونحن نقول: إن الله تعالى عدل حكيم منزه عن كل نقص في الذات منعم على كل الخلق، له الحجة على المكلفين.
وأما النهي عن المجالسة؛ فلأنا وجدنا في مجالستهم من المفسدة مالا يخفى، أما أولا: فلأنهم يغرون بالمعاصي ويسهلونها، ويقولون ما قدره الله كان، ومالم يقدره لم يكن، فلا وجه للصبر عن المعصية والتحفظ عنها.
وأما ثانيا: فلأنهم يؤيسون عن رحمة الله تعالى وعدله بتجويزهم أن يعذب من لا ذنب له، إلى غير ذلك مما يجري مجراه.
وأما كونهم شهود إبليس وخصماء الرحمن فإن الله إذا قال: ما منعك أن تسجد ولم كفرت؟ فيقول: يا رب أنت منعتني من السجود وقضيت علي بالكفر، فهو منسوب إليك، ونسبته إلي كذب لا صحة له، ولا حجة لك علي، فإذا قال الله: من شاهدك على ذلك فلا يجد غير أهل هذه المقالة.
قال الإمام عزالدين -عليه السلام-: وشهادتهم له ومخاصمتهم لله عز وجل تقديرية وبلسان الحال، وإن كانوا هم وإبليس في الآخرة أحقر من أن يحاجوا الله بالأباطيل، وينطقوا بالهجر من الأقاويل، والمعنى أن هذا يكون قولهم لو قالوا ونطقوا بما كانوا عليه من الاعتقاد، وهيهات هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون. انتهى.
وأما شبههم بالمجوس فمن وجوه: أحدها: أنهم ينكحون أمهاتهم وأخواتهم ويقولون: كل ذلك من الله تعالى، وقول المخالفين كذلك.
صفحہ 64