وقال رحمه الله في موضع آخر :من سلك طريق الاعتدال عظم من يستحق التعظيم وأحبه ووالاه وأعطى الحق حقه فيعظم الحق ، ويرحم الخلق ، ويعلم أن الرجل الواحد يكون له حسنات وسيئات فيحمد ويذم ، ويثاب ويعاقب ، ويحب من وجه ويبغض من وجه . هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة خلافا للخوارج والمعتزلة ومن وافقهم كما قد بسط هذا في موضعه والله أعلم .
فانظر رحمك الله إلى ما قرره شيخ الإسلام في مسئلة الهجر أن الرجل الواحد يجتمع فيه خير وشر ، وبر وفجور ، وطاعة ومعصية ، وسنة وبدعة ، فيستحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر ، فيجتمع في الشخص الواحد موجبا الأكرام والإهانة إلى آخر كلامه فمن أهمل هذا ولم يراع حقوق المسلم التي يستحق بها الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير ، وكذلك يراعى ما فيه من الشر والمعصية والفجور والبدعة وغير ذلك فيعامله بما يستحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر - فمن ترك هذا[ قوله فمن ترك - أعاده لقوله : فمن أهمل - لبعده وهو مبتدأ خبره - سلك مسلك أهل البدع ] وأهمله سلك مسلك أهل البدع من الخوارج والمعتزلة ومن وافقهم عليه فلم يجعلوا الناس إلا مستحقا للثواب فقط أو مستحقا للعقاب فقط ، فإن هذا مخالف لما قاله أهل السنة والجماعة .
ثم انظر إلى غالب ما يفعله من يستعمل الهجر من الناس هل هو متبع لما عليه أهل السنة والجماعة أو متبع لما عليه أهل البدع من الخوارج وغيرهم ؟ وكذلك تأمل قوله رضي الله عنه ( ومن سلك طريق الاعتدال - إلى قوله - ويعلم أن الرجل الواحد يكون له حسنات وسيئات ، فيحمد ويذم ، ويثاب ويعاقب ، ويحب من وجه ويبغض من وجه ، إلى آخر كلامه . يتبين [ قوله يتبين لك الخ جواب لقوله : ثم انظر إلى غالب ما يفعله الخ ] معنى ما قدمته لك مما عليه أهل السنة والجماعة ومن خالفهم .
صفحہ 18