للبيئة التى يعيش فيها الإنسان أثر كبير فى تكوينه من الناحية الشقافية ، وفى توجيهه تحو المنهج الذى يسلكه فى حياته . وقد كان الشرق الأوسط فى الفترة التاريخية التى يتعدث عنها مسرحا لحروب طاحنة أشعلها البابا إيريان سنة 1095م بحجة تخليص القبر المقدس من المسلمين . فتوالت موجات الحملات الصليبية على فلسطين وسوريا ومصر، وامتدت حتى شملت المغرب العربى ، وقد دامت زهاء قرنين انتشر بسبيها الخراب ، ودمرت كثير من القرى والمدن ، وقتل الآلال المؤلفة من الشيرخ والنساء والأطفال ، بجاتب الدين استشهدوا من المجاهدين فى مصر والشام الذين استبسلوا فى الدفاع عن أوطايهم وأموالهم وأعراضهم وظهر فى هذين القرنين أبطال عظام بذلوا النفس والتفيس ، وقادوا المسلمين ، كان من أبرزهم السلطان صلاح الدين الأيوبى الذى قاد البلاد أكثر من عشرين عاما (1) والسلطان الظاهر بيبرس البند قدارى الذى تحمل أعياء الجهاد حوالى سبعة عشر عاما وكان له فضل كيير فى انتزاع النصر وهزية لويس التاسع عندما غزا مصر قبل أن يتولى بيبرس السلطنة ، كما كان له فضل .
احراز النصر على الصليييين طوال حكمه (2) ، وكان ذلك قبيل العصر الذى تتناوله بالبحث ، وهو العصر الذى عاش فيه ابن الاكفانى .
وحدث أثناء اشتعال تلك الحروب المدمرة أن داهم المغول البلاد الإسلامية من المشرق بقيادة هولاكو، واجتاح طبوفانهم البلاد الإسلامية التى تعرف الآن باسم أفغانستان وإيران، وخريوا المدن ، وقتلوا الالاف من الرجال والنساء والأطفال ، ثم اجتاحوا العراق ، واستولوا على بغداد ، ودمروا الكثير من معالمها ، ونهبوا ما وصلت إليه أيديهم، وقتلوا الخليفة المباسى "المستعصم بالله هر والكثير من رجاله سنة 656- 1258م ، ثم زحفوا إلى الشام ، وأخذوا يدمرون كل ما كان يقابلهم ، واستولوا بسرعة على حلب ودمشق ، وعائوا فى البلاد فسادأ ونهبا . واتتشر الفزع فى البلاد الإسلامية حتى قيض الله للسسلمين السلطان * سيف الدين قطز* فهزمهم شر هزية فى عين جالوت سنة 658ه - -126م ، وكان نصرا عزيزا أنقذ به البلاد السورية، واضطر المغول إلى التقهقر إلى حدود العراق الغريية ، ولكنهم عادوا يها جمون الشام المرة تلو المرة ،
(1) من سنة 567- 586ه / 1171 -1193م
(2) 698-626/ 1260- 1277م
صفحہ 15