انتصار
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
فنقول: أما على رأي السيد أبي طالب وأبي حنيفة، فإذا كان الواقع في البئر هو عين النجاسة وما جاورها أو اختلط المجاور الأول والثاني، فإنه إذا ورد عليه من الماء الطاهر ما هو أكثر منه في المقدار وجب أن يكون طاهرا.
ووجهه: هو أن التطهير إنما يقع بالمكاثرة وهي حاصلة هاهنا، ولأنه ماء طاهر ورد على ماء نجس فكان مطهرا له كالغسالة الثانية على رأي الجميع ممن اعتبر المجاورة في التنجيس.
وأما على طريقة السيد المؤيد بالله ومن وافقه، وهو أن المجاور الأول إذا كان ينجس بملاقاة العين، والثاني ينجس أيضا بملاقاة المجاور الأول، فإذا ورد عليه من الماء الطاهر ضعفان أو أكثر فإنه يعود طاهرا بالمكاثرة له والمغالبة.
والمثال الكاشف عن حقيقة المسألة، وهو أنه لو كان هاهنا رطل من الماء وقعت فيه قطرة من البول أو الخمر، فعلى قول أبي طالب إذا ورد عليه رطلان من الماء كان طاهرا من غير زيادة؛ لأن هذا ماء نجس لمجاورة النجاسة، ولا ينجس عنده إلا المجاور الأول، فإذا كوثر بما يكون غالبا أعاده طاهرا كالغسالة الثانية.
وعلى قول السيد المؤيد بالله بنجاسة المجاور الأول والمجاور الثاني، إذا كان هنا رطل فيه قطرة بول أو خمر فإنه ينجس بمجاورة العين، فإذا زيد عليه رطلان فهما نجسان بمجاورة ما جاور النجاسة، فإذا أريد تطهيرهما فلا بد من ستة أرطال لتكون مكاثرة للثلاثة الأولى، فتصير ثمانية تفريعا على قوله بنجاسة المجاورين. وهذا المثال هو وارد على جهة التقدير دون التحقيق فإن الأرطال الثلاثة والستة والعشرة والعشرين وما زاد عليها قليلة تنجس بوقوع النجاسة فيها، وإن لم تكن متغيرة على رأي الأكثر من أئمة العترة كما مر تقريره، ولكنهم أرادوا بيان حقيقة المكاثرة على جهة التقدير بما ذكرناه.
صفحہ 445