417

انتصار

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

علاقے
یمن
سلطنتیں
رسولی سلطنت

وثانيهما: أن يقال: ليس ببدع في المجاري الشرعية، أن يكون ملحوظا بحكم لبس ومصلحة لا يشاركه فيه غيره ويكون مخصوصا به، وعلى هذا تكون معاني القياس فيه غير معقولة ومسالكه مسدودة ومجاريه منحسمة، كما نقوله في العبادات وغيرها مما لا تعقل فيها مخايل المعاني ولا تجري فيها طرق الأشباه، فمن أجل ذلك يكون مقصورا على محله لأجل الخصوصية التي لا يشاركه فيها غيره، وهذا فاسد فإن الأصل عند المعترفين بالقياس القائلين به: هو جري المعاني المعقولة والأشباه الخاصة على التعدي من محالها إلا لمانع شرعي يمنع من ذلك، ولا مانع هاهنا من قياس الأفواه على فم الهرة بجامع الطوفان فيهم جميعا كما نقول في سائر المعاني الجارية في جميع معاني الشريعة كلها من المعاوضات وغيرها، فهذا تقرير مذهب هؤلاء الذين قصروه على فم الهرة لا غير.

المذهب الثاني: مذهب المعدين له إلى سائر الأفواه، وهذا هو قول المعترفين بالقياس السالكين لطرقه، وهم علماء الشريعة وأهل الحل والعقد من أئمة العترة وأكثر علماء الأمة، فإنهم جازمون بالتعدية في كل معنى من المعاني المخيلة والأوصاف الشبهية، لا يكيعون عن ذلك إلا لمانع شرعي من بعيد تظهر فيه آثار التحكم التي لا يفهم معناها في الأعداد والتقديرات وغيرها مما تنحسم فيه مسالك الأقيسة ولا تكون جارية فيه، وفم الهرة ليس من هذه المجاري، فلهذا وجب القضاء بالتعدية كما أوضحناه، والله أعلم.

ثم نقول: لأي شيء منعتم من قياس سائر الأفواه على فم الهرة؟ هل كان ذلك لعدم فهم المعنى؟ فهذا خطأ فإن الشارع قد أشار إلى العلة في فم الهرة ونبه عليها بقوله: (( إنها من الطوافين عليكم )). وإن كان من جهة أن العلة مفهومة لكن منع من ذلك مانع فهذا خطأ أيضا، فإن المانع لا بد من أن يكون ظاهرا [فأين] ظهوره حتى نتكلم عليه؟ وإلا كان تحكما فاسدا لا يعول عليه، فبطل ما قالوه ووجب تعديته إلى سائر الأفواه بجامع الطوفان.

الفرع السادس: إذا وجب تعديته إلى سائر الأفواه كما أوضحناه، فهل يكون ذلك من جهة القياس بالجامع الذي ذكرناه أو يكون على جهة التنصيص؟ فيه مذهبان:

صفحہ 424