298

انتصار

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

اصناف

فقہ

فالمعيار الضابط للمسألة: أن الطاهر إذا كان واحدا امتنع الائتمام مطلقا؛ إذ لا مساغ للظن في طهارة من عدا هذا الواحد بخلاف ما إذا كان الطاهر اثنين، فواحد يستبد به الإمام وواحد كل من المؤتمين يجوز أن يكون متطهرا به، فلهذا صحت في حق الجميع، فصلاة من قدم للإمامة تكون صحيحة بكل حال؛ لأنه لما قدم حكم على صلاته بالصحة، وأن النجاسة حاصلة في حق غيره، وأما المؤتمون فإن كان في عدة الأواني الطاهرة فسحة تكفي للإمام والمأمومين، صحت صلاتهم جميعا وإن كانت غير كافية صحت صلاة المقتدى به وبطلت صلاة المقتدين.

مسألة: تشتمل تنبيهات ثلاثة:

التنبيه الأول: في بيان كيفية ورود التعبد في الأحكام.

اعلم أن التعبد في الأحكام التكليفية ربما كان بالعلم اليقيني، وربما كان بالظن، فهذان مجريان نذكر ما يتوجه في كل واحد منهما؛ لأن لهما تعلقا خاصا بما نحن فيه:

المجرى الأول منهما: أن يكون التعبد واردا بطريق العلم دون الظن، وهذا يكون تارة في المسائل الدينية وتارة في المسائل الأصولية، ومرة يكون في المسائل الفقهية، فلا ينفك عن هذه الأمور الثلاثة:

فأما الدينية: فنحو العلم بالله تعالى وصفاته، وما يجب له وما يجوز له وما يستحيل عليه من الصفات، ونحو العلم بصدق الأنبياء وأحوال المعاد الأخروي، وغير ذلك من المسائل الدينية. فهذه الأمور كلها مستندها العلم القطعي لا يقوم غيره مقامه.

وأما الأصولية: فنحو العلم بوجوب العمل على الأخبار الآحادية، وكون الأقيسة النطرية معتمدة في تقرير الأحكام الشرعية، ونحو أن في اللغة لفظة موضوعة للعموم، وأن الأمر للوجوب، إلى غير ذلك من المسائل الأصولية.

وأما الفقهية: فنحو الشهادات، فإن مستندها العلم القاطع فلا تجوز الشهادة إلا بما يعلمه ويتحققه مشاهدة، أوغير ذلك من طريق العلم، ولا تجوز الشهادة بالظنون إلا في بعض الصور سنقررها في باب الشهادات بمعونة الله تعالى. ونحو النكاح فإنه لا يجوز الوطء إلا بعلم أنها غير محرمة عليه.

والأصل في هذه القاعدة أن كل ما كان الوصول فيه إلى العلم ممكنا وجب تحصيل العلم به، وكل ما لا سبيل إلى العلم به فغلبة الظن كافية فيه.

صفحہ 303