انتصار
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
اصناف
المذهب الثالث: التفصيل، وهو أنه ينظر، فإن كانت من أوراق الربيع فإنه لا يجوز التطهر به؛ لأنه قليل يمكن صون الماء عنه، وإن كان من ورق الخريف فلا بأس؛ لأنه يكثر ويتعذر صون الماء عنه، وهذا ذكره بعض أصحاب الشافعي.
والمختار في ذلك: أنه ينظر، فإن كان المتغير من الماء بمخالطة الأوراق هو لونه وطعمه لم يجز التطهر به؛ لأن ما هذا حاله يكون مخالطا ممازجا للماء، وإن تغير بالرائحة فما هذا حاله يكون مجاورا فيجوز التطهر به، فتغيره باللون والطعم ينزل منزلة تغيره بالخل واللبن في المخالطة، وتغيره بالرائحة بمنزلة تغيره بالعنبر والمسك في المجاورة دون المخالطة، وإلى ما اخترناه يشير كلام المؤيد بالله حيث قال: إذا تغير لون الماء بعمى البيت(¬1) من الدخان ونحوه فإنه لا يتطهر به، لأنه تغير باختلاط؛ لأن تغير اللون يبعد أن يكون من غير اختلاط، ولأن أصل الماء على الطهارة والتطهير فلا يمكن قطع كونه مطهرا إلا بخروجه عن كونه ماء، وهذا لا يمكن إلا لأجل المخالطة، فلا جرم كانت التفرقة هي الوجه المختار.
مسألة: والملح إذا طرح في الماء فتغير به أحد أوصافه، ففيه احتمالات ثلاثة:
أحدها: أنه يصح التطهر به، والحجة أن كل ملح فهو منعقد من الماء في الأصل، فلهذا لم يفترق الحال فيه بين أن يكون بحريا أو جبليا في أنه غير مغير للماء.
وثانيها: أن كل واحد من الملحين مغير للماء؛ لأنه قد خرج عن صفة الماء فصار كالزعفران والأشنان، فلهذا كان مغيرا بالمخالطة.
صفحہ 208