انتصار
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
اصناف
والمختار: ما قاله أصحابنا وأبوحنيفة، وهو رواية المزني؛ لأن أصل الماء باق على التطهير فهو الأصل فيه وما عرض فيه غير مغير لهذا الحكم وما علق به في حكم المزايل له، فلهذا قضينا بكونه طاهرا مطهرا.
قال السيد المؤيد بالله: والقمقم إذا سخن فيه الماء فوجدت فيه رائحته فإنه لا يضره؛ لأنه ليس مما يخالط أجزاءه الماء، وكذلك الكوز الذي توجد فيه رائحة المثلث، فإنه لا يضر الماء بعدما غسل ولا بأس به لأن ذلك للمجاورة لا للمخالطة.
وإن تغيرت رائحة الماء برائحة ميتة بقربه، فإن ذلك لا يخرجه عن كونه مطهرا عند أئمة العترة وهو قول الفقهاء: أبي حنيفة وأصحابه والشافعي وأصحابه، ولا يعرف فيه خلاف، لأن تلك الرائحة إنما كانت على جهة المجاورة دون المخالطة؛ لأنها غير متصلة به على جهة المخالطة فتكون مانعة عن تطهيره.
مسألة: وإذا أخذ الطحلب وجفف ثم دق ووضع في الماء فتغير به، وهكذا حال الزرنيخ والشب والكحل، فإن هذا الأشياء إذا خالطت الماء وغيرته فإنه لا يجوز التطهر به عند أئمة العترة وجميع الفقهاء؛ لأن تغييرها إنما يكون مغتفرا إذا كانت حاصلة في المنابع بحيث لا يمكن الاحتراز منها، وهكذا يكون حال الطحلب فإنه يغتفر تغير الماء به إذا كان نابتا فيه، وأما إذا كانت منفصلة عنه ثم خالطته، فإنما يصير كالزعفران والعصفر(¬1) في تغير الماء وانفصالها عنه، بخلاف التراب فإنه سواء كان في مقره أو ممره أو حمل إليه فتغير به فإنه لا يضر التطهر عند أئمة العترة وفقهاء الأمة.
والحجة على ذلك: هو أن المعلوم من حال السلف أنهم كانوا لا يحترزون عن الأمواء التي يختلط بها التراب ولا يتصونون عنها.
صفحہ 206