وهو وصفٌ مناسبٌ لكتاب صغير، ثم حين كان بالاسكندرية (^١)
واجتمع به بعض من يعظِّم المتفلسفة بالتقليد والتهويل ــ وما أكثر خفافيش العقول والبصائر في كل زمان، وما أهونهم على أنفسهم! ــ وذكر له الشيخُ بعض ما يستحقُّه من التجهيل= رأى الحاجة لكشف خطل هذه الصناعة ودفع صيال أهلها قائمة، فاقتضاه واجبُ النصح والبيان أن يكتب كتابًا أوسعَ من تلك الكتابة السابقة المختصرة، فابتدأه في قعدةٍ بين الظهر والعصر، ثم أتمَّه في مجالس بعد ذلك، وذلك هو كتاب «الرد على المنطقيين»، ويغلبُ على ظني
_________
(^١) أمر أعداء الشيخ بالقاهرة سنة ٧٠٩ بنفيه إلى الاسكندرية لعل أحدًا من أهلها يتجاسر عليه فيقتله غيلة فيستريحون منه، وكانت معقل متفلسفة المتصوفة أتباع ابن سبعين وابن عربي، وبقي فيها ثمانية أشهر، في برج متسع مليح نظيف، يدخل عليه من شاء، ويتردد إليه الأكابر والأعيان والفقهاء يقرؤون عليه ويستفيدون منه، كما قال ابن كثير في «البداية والنهاية» (١٨/ ٨٥).
وفي هذا المنفى كتب شيخ الإسلام كتابه الكبير في الرد على المنطقيين.
وكتب فيه كذلك: الرد على رسالة «الألواح» لابن سبعين، المطبوع بعنوان «بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة والقرامطة والباطنية»، ويسمى «المسائل الاسكندرية في الرد على الملاحدة والاتحادية»، ويسمى «السبعينية» نسبة إلى ابن سبعين. انظر: «الصفدية» (١/ ٣٠٢)، و«النبوات» (٣٩٨)، و«الرد على المنطقيين» (٢٧٥).
وكتب فصولًا في الفقه، كما في «مجموع الفتاوى» (٢٣/ ٢١٠).
وكتب لصاحب سبتة إجازة بأسانيده في عشر ورقات، كتبها من حفظه ويعجز عن عمل بعضها أكبرُ محدِّثٍ يكون! كما يقول الذهبي في «الدرة اليتيمية» (٤٠ - تكملة الجامع لسيرة شيخ الإسلام).
وكتب إلى أصحابه رسالةً تفيض حبًّا وصدقًا ورضًا ويقينًا بالله، اقرأها في «مجموع الفتاوى» (٢٨/ ٣٠ - ٤٦)، وهي من كريم الرسائل.
المقدمة / 17