وما كان الحلم شعاره مع الأقربين من أهله فحسب ، بل كان مع مواليه وسائر الناس ، فقد بعث غلاما له في حاجة فأبطأ فخرج على أثره فوجده نائما فجلس عند رأسه يروح له حتى انتبه ، فلما انتبه لم يكن منه معه إلا أن قال : يا فلان ما ذلك لك تنام الليل والنهار ، لك الليل ولنا منك النهار (1).
وبعث مرة غلاما له أعجميا في حاجة ثم جاء الغلام فاستفهم الصادق عليه السلام الجواب والغلام يعني عن إفهامه ، حتى تردد ذلك منه مرارا والغلام لا ينطق لسانه ولا يستطيع إفهامه ، فبدلا من أن يغضب عليه أحد النظر إليه وقال : لئن كنت عيي اللسان فما أنت بعيي القلب ، ثم قال عليه السلام : إن الحياء والعفاف والعي عي اللسان لا عي القلب من الإيمان ، والفحش والبذاءة والسلاطة (2) من النفاق (3).
ونهى أهل بيته عن الصعود فوق البيت فدخل يوما فإذا جارية من جواريه ممن تربي بعض ولده قد صعدت في سلم والصبي معها ، فلما بصرت به ارتعدت وتحيرت وسقط الصبي الى الأرض فمات ، فخرج الصادق وهو متغير اللون فسئل عن ذلك فقال : ما تغير لوني لموت الصبي وإنما تغير لوني لما أدخلت على الجارية من الرعب ، وكان قد قال لها : أنت حرة لوجه الله لا بأس عليك ، مرتين (4).
وما كان هذا رأيه مع أهله وغلمانه فحسب بل كان ذلك شأنه مع الناس كافة ، فإنه نام رجل من الحاج في المدينة فتوهم أن هميانه سرق فخرج فرأى
صفحہ 231