حاشية 2:
وبلغني أن فلانا الذي تعرفه أيضا قد سقط في امتحانه بسبب ما تورط في أصدقائه، ثم عن طريق المصادفة شهد رواية سينمائية لفت نظره منها جملة خلقية قوية، فأتى وكتبها بخطه، وعلقها في حجرة نومه، فكان يقرؤها إذا نام وإذا صحا من نومه حتى استقام أمره. أفلا تعد هذه نصيحة من النصائح القوية الفعالة؟
3
أي بني!
سادت عند أمثالك من الشبان فكرة خاطئة، وهي شدة المطالبة بالحقوق، من غير التفات إلى أداء الواجبات مع تلازمها، فهما معا ككفة الميزان، إن رجحت إحداهما خفت الأخرى، وهم يلجأون إلى كل الوسائل للمطالبة بحقوقهم: من إضراب، إلى اعتصام، إلى تخريب، إلى غير ذلك، ولا نسمع منهم أبدا شيئا عن فكرة أداء الواجب! فحذار من الوقوع في هذا الخطأ. فعلى كل إنسان أن يؤدي واجبه دائما كما يطالب بحقوقه. والإنسان في هذه الحياة لا يعيش لنفسه فحسب وإنما يعيش له وللناس، ولسعادته ولسعادة الناس. وأداء الواجب، يؤدي إلى تحقيق السعادة: فالطالب الذي يؤدي واجبه لأسرته يسعدها، والأغنياء بتأديتهم ما عليهم من بناء للمستشفيات، وتبرع للخيرات، يزيدون في راحة الناس ورفاهيتهم. وعلى العكس من ذلك السارقون والسكيرون، فإنهم بإهمالهم الواجب عليهم وعدم إطاعتهم قوانين البلاد، يزيدون في شقاء الناس وتعاستهم، ومقياس رقي الأمة إنما هو في أداء أفرادها ما عليهم من واجبات. فالذي يتقي الله في صناعته يسعد الناس بإتقانه، ولا يبقى العالم ويرقى إلا بأداء الواجب. ولو أن مجتمعا قصر في أداء كل واجباته لفني في الحال. والأمة المتأخرة إنما بقيت لأن أفرادها قاموا بأداء أكثر الواجبات وتأخرت بالقسم الذي لم يؤد. ويجب أن يؤدي الواجب لأنه واجب، لا طمعا في ربح ولا هربا من خسارة، إنما نؤديه راحة لوجداننا. والذين يؤدون واجبهم رغبة أو رهبة ، إنما هم تجار يبيعون اليوم ما يقبضون ثمنه غدا. ومثلنا الأعلى أن نتلذذ من أداء الواجب كما نتلذذ من خير ينالنا وشر يزول عنا، ويجب أن ننشد مع أبي العلاء قوله:
فلا هطلت علي ولا بأرضي
سحائب ليس تنتظم البلادا
وتقول كما قول رسول الله
صلى الله عليه وسلم
في صهيب:
نامعلوم صفحہ