حبش الحاسب المروزي الأصل وهو لقب له واسمه أحمد بن عبد الله بغدادي الدار كان في زمن المأمون والمعتصم بعده وله تقدم في حساب تسيير الكواكب وشهرة بهذا النوع وله ثلاثة أزياج. أولها المؤلف على مذهب السند هند خالف فيه الفزاري والخوارزمي في عامة الأعمال واستعماله لحركة إقبال فلك البروج وإدباره على رأي ثاؤن الإسكندراني ليصح له بها مواضع الكواكب في الطول وكان تأليفه لهذا الزيج في أول أمره أيام كان يعتقد حساب السند هند. والثاني المعروف بالممتحن وهو أشهر ما له ألفه بعد أن رجع إلى معاناة الرصد وضمنه حركات الكواكب على ما يوجبه الامتحان في زمانه والثالث الزيج الصغير المعروف بالشاه وله. كتاب حسن في العمل بالاصطرلاب وبلغ من عمره نحو مائة سنة وله من التصانيف. كتاب الزيج الدمشقي. كتاب الزيج المأموني. كتاب الأبعاد والأجرام. كتاب عمل الاصطرلاب. كتاب الرخائم والمقاييس. كتاب الدوائر المتماسة وكيفية الاتصال إلى عمل السطوح المتوسطة والقائمة والمائلة والمنحرفة. حنين بن إسحاق الطبيب النصراني أبو زيد العبادي كان تلميذا ليوحنا ماسوية وكان طبيبا حسن النظر في التأليف والعلاج ماهرا في صناعة الكحل وقعد في جملة المترجمين لكتب الحكمة واستخراجها إلى السرياني وإلى العربي وكان فصيحا في اللسان اليوناني وفي اللسان العربي بارعا شاعرا خطيبا فصيحا لسنا ونهض من بغداد إلى أرض فارس ودخل البصرة ولزم الخليل بن أحمد حتى برع في اللسان العربي وادخل كتاب العين ببغداد واختبر الترجمة وائتمن عليها وكان المتخير له المتوكل على الله وجعل له كتابا تحارير عالمين بالترجمة كانوا يترجمون ويصفح ما ترجموا كاصطفن بن بسيل وموسى بن بسيل وموسى بن خالد الترجماني ويحيى بن هارون وخدم بالطب المتوكل وكان يلبس الزنار وتعلم لسان اليونانية بأصله وكان جليلا في ترجمته وهو الذي أصبح معاني كتب بقراط وجالينوس ولخصها أحست تلخيص وكشف ما استغلق منها وله تآليف نافعة بارعة مثقفة وعمد إلى كتب جالينوس فاحتذى حذو الإسكندرانيين وصنفها على سبيل المسألة والجواب وأحسن في ذلك وله. كتاب في المنطق أحسن فيه التقسيم. وألف في الأغذية كتابا عجيبا وله. كتاب في تدبير الناقهين في الأدوية المسهلة والأغذية على تدبير الصحة لم يسبقه إليه أحد وله . كناش اختصره من كتاب بواس وألف غيرها كثيرا.
وله ولدان أحدهما اسمه داود والثاني اسمه إسحاق فأما إسحاق فخدم على الترجمة وتولاها وأتقنها وأحسن فيها وكان نفسه أميل إلى الفلسفة وهو ترجم كتاب النفس لأرسطوطاليس تفسير ثامسطيوس وأما داود فكان طبيبا.
ومات حنين بالغم من ليلته وذلك أن المتوكل خرج يوما وبه خمار فقعد مقعده فأخذته الشمس وكان بين يديه الطيفوري النصراني الكاتب وحنين بن إسحاق فقال له الطيفوري يا أمير المؤمنين الشمس تضر بالخمار فقال حنين الشمس لا تضر بالخمار فلما تناقضا بين يديه قال حنين يا أمير المؤمنين الخمار حال المخمور فقال المتوكل لقد أحرز حنين من طبائع الألفاظ وتحديد المعاني ما بان به عن نظرائه فوجم الطيفوري فلما كان بعد ذلك اليوم أخرج حنين من كتبه كتابا فيه صورة المسيح مصلوبا وصور ناس من حوله فقتل له الطيفوري أهؤلاء صلبوا المسيح قال نعم ابصق عليهم قال لا أفعل قال ولم قال لأنهم ليسوا الذين صلبوا المسيح وإنما هي صور وأشهد عليه في ذلك الطيفوري ورفعه إلى المتوكل وسائله إباحة الحكم عليه لديانة النصرانية فبعث إلى الجاثليق والأساقفة وسئلوا عن ذلك فأوجبوا لعنة حنين فلعن سبعين لعنة بحضرة الملأ من النصارى وقطع زناره وأمر المتوكل أن لا يضل إليه دواء من عند حنين حتى يشرف عليه الطيفوري ويحضر عمله فانصرف إلى داره ومات من لينته وقيل مات غما أو سقى نفسه سما فهذه قصة موته فجأة والله أعلم.
ونسبته إلى العباد وهم قوم من النصارى من قبائل شتى اجتمعوا وانفردوا عن الناس في قصور ابتنوها لأنفسهم بظاهر الحيرة وتدينوا بدين النصرانية وقالوا نزيد أن نتسمى بعبيد الله ثم قالوا العبيد اسم يشارك فيه المخلوق الخالق في التسمية لأنه يقال عبيد الله وعبيد فلان والعباد اسم اختص الله به فيقال عباد الله ولا يقال عباد فلان فتسموا بالعباد ومنهم عدي بن زيد العبادي المشهور صاحب القصة مع النعمان بن المنذر.
صفحہ 77