ثلاثة تدخل في دفعة ... طلعته والنعش والغاسل جورجيس بن بختيشوع الجند يسابوري ابن بختيشوع في صدر الدولة العباسية كان فاضلا مذكورا وله من الكتب كتاب الكناش وكان المنصور في صدر أمره عندما بنى مدينة السلام بغداد في سنة ثمان وأربعين ومائة للهجرة أدركه ضعف في معدته وسوء استمراء وقلة شهوة وكلما عالجه الأطباء ازداد مرضه فتقدم إلى الربيع بجمعهم فلما اجتمعوا قال لهم المنصور أريد من الأطباء في سائر المدن طبيبا ماهرا فقالوا ما في عصرنا أفضل من جورجيس بن بختيشوع رئيس أطباء جند يسابور فإنه ماهر في الطب وله مصنفات جليلة فتقدم المنصور بإحضاره فأنفذه العامل بجند يسابور إلى حضرة الخلافة بعد ما امتنع عن الخروج وأكرهه العامل فخرج ووصى ولد بختيشوع بالبيمارستان وأموره التي تتعلق به هناك واستصحب معه إبراهيم وسرجيس تلميذيه فقال له ولده بختيشوع ولا تدع ها هنا عيسى بن شهلافا فإنه يؤذي أهل البيمارستان فترك سرجيس وأخذ عيسى عوضه ولما وصل إلى مدينة السلام أمر المنصور بإحضاره فلما وصل إلى الحضرة دعا له بالفارسية والعربية وعجب المنصور من حسن منطقه ومنظره وأمره بالجلوس وسأله عن أشياء أجابه عنها بسكون فقال قد ظفرت منك يا جورجيس بما كنت أطلب وخبره بابتداء علته وكيف جرى أمره منذ ابتداء المرض وإلى وقته ذلك فقال له جرجيس أنا أديرك بمشيئة الله وعونه فأمر له في الوقت بخلعة جليلة وتقدم إلى الربيع بإنزاله في أجمل موضع من دوره وإكرامه كما يكرم أخص الأهل ولم يزل جرجيس يتلطف له في تدبيره حتى برئ المنصور وعاد إلى الصحة وفرح به فرحا شديدا وأمر أن يجاب إلى كل ما يسأل وقال له يوما من يخدمك ها هنا فقال تلامذتي فقال الخليفة سمعت أنه ليست لك امرأة فقال لي زوجة كبيرة ضعيفة ولا تقدر على النهوض من موضعها وانصرف من الحضرة ومضى إلى البيعة فأمر المنصور خادمه سالما أن يختار له من الجواري الروميات الحسان ثلاثا ويحملهن إلى جورجيس مع ثلاثة آلاف دينار ففعل ذلك فلما انصرف جورجيس إلى منزله عرفه عيسى بن شهلافا تلميذه بما جرى وأراه الجواري فأنكر أمرهن وقال لعيسى يا تلميذ الشيطان لم أدخلت هؤلاء إلى منزلي أردت أن تتجسني امض وردهن إلى أصحابهن ثم ركب جورجيس معه عيسى مع الجواري ومضى إلى دار الخليفة وردهن على الخادم فلما اتصل الخبر بالمنصور أحضره وقال لم رددت الجواري قال لا يجوز أن يكون مثل هؤلاء في منزلي لأنا نعشر النصارى لا نتزوج أكثر من امرأة واحدة ما دامت المرأة حية لا نأخذ غيرها فحسن موقع هذا من الخليفة وأمر في الوقت أن يدخل جورجيس إلى حظاياه وحرمه بلا إذن وزاده موضعه عنده وهذا ثمرة العفة.
صفحہ 72