جعفر بن المكتفي بالله أبو الفضل من أولاد الخلفاء فاضل كبير القدر بعلوم متعددة من علوم الأوائل متحقق بذلك أتم تحقيق يرفعه عن التبذل في تعليمه ما هو عليه من علو النسب وكانت له في العلوم القديمة تعاليق جميلة ومعرفة بأخبار الأوائل من الحكماء وبأخبار المحدثين منهم وبأحوالهم ومقدار ما يعلمه كل واحد منهم وما يدعيه ما لا يعلمه قال هلال بن المحسن وفي سحرة يوم الثلاثاء الرابع من صفر سنة سبع وسبعين وثلاثمائة توفي أبو الفضل جعفر بن المكتفي بالله ومولده في سنة أربع وتسعين ومائتين وكان فاضلا عاقلا عارفا بكثير من العلوم القديمة ولما قدم عضد الدولة إلى بغداد اشتاقت نفسه إلى جعفر بن المكتفي بالله ولقائه فسير إليه سرا وكان يجتمع به من خفية ويأتيه في خف وإزار فإذا حصل في داره أقعد في موضع خال بغير أزار خلا عضد الدولة استدعاه فإذا شاهده تطاول له في القيام وأكرمه وخلا به وسأله عن فنه من علم أحكام النجوم وأخبار الحدثان فيخبره من ذلك بما يعجب منه ولا يبعد وقوعه. قال غرس النعمة محمد بن الرئيس هلال بن المحسن الصابي في كتابه وجدت بخط جعفر بن المكتفي بالله ما يتضمن ذكر ما حدث من الكواكب ذوات الأذناب في أوقاتها ما كان من تأثيراتها فنسخته ثقة بهذا الرجل وتقدمه في هذه الصناعة وتبريزه فيها إلى ابعد غاية ثم أورد المؤلف رسالته ههنا بأجمعها منها وفي خمس وعشرين ومائتين في خلافة المعتصم ظهرت في الشمس نكتة سوداء قريب منن وسطها وذلك في يوم الثلاثاء التاسع عشر من رجب سنة خمس وعشرين ومائتين فلما كان بعد يومين من هذا التاريخ وذلك بعد إحدى وعشرين يوما من رجب حدثت الحوادث وذكر الكندي أنها لبثت هذه النكتة في الشمس إحدى وتسعين يوما ومات المعتصم بعدها وقد كان أيضا طلع كوكبان من كواكب الأذناب قبل موت المعتصم كما طلع منها جماعة قبل موت الرشيد وذكره الكندي أيضا أن مدة النكتة كانت كسوف الزهرة للشمس ولصوقها بها هذه المدة المذكورة ويقال أنه لما شاء الله في ذلك كلام سبيله أن يتأمل ليوقف على علة هذه النكتة على حقها إن شاء الله تعالى إلى ها هنا من رسالة ابن المكتفي ثم بعدها ذكر في هذه الرسالة تأثيرات كواكب الأذناب على طلوعها في كل شهر من الشهور السريانية.
جعفر القطاع المدعو بالسديد البغدادي كانت له معرفة تامة بالكلام والمنطق والهندسة واطلاع على علوم الأوائل وأقوالهم ومذاهبهم وله يد طولى في قسمة الأدور وعماراتها وكان متظاهر بالتشيع وتوفي في يوم السبت سادس عشر ربيع الآخر سنة اثنتين وستمائة ببغداد ودفن بداره بقراح ظفر وقد جاوز السبعين.
جرجيس الفيلسوف الأنطاكي نزيل مصر يزعم أنه قرأ على علماء بلده واستوطن مصر وطب لها وأدركه أبو الصلت أمية المغربي بمصر وذكره فقال وكان بمصر طبيب من أنطاكية يسمى بجرجيس ويلقب بالفيلسوف على نحو ما قيل في الغراب أبي البيضاء وفي اللديغ سليم وقد تفرغ للتولع بأبي الخير سلامة بن رحمون اليهودي الطبيب المصري والأزراء عليه وكان يزور فصولا طبية وفلسفية يبرزها في معارض ألفاظ القوم وهي محال لا معنى لها وفارغة لا فائدة فيها ثم ينفذها إلى من سأله عن معانيها ويستوضحه أغراضها فيتكلم عليها ويشرحها بزعمه دون تيقظ ولا تحفظ باسترسال واستسجال وقلة اكتراث وإهمال يوجد فيها عنه ما يضحك منه وأنشدت لجرجيس هذا في أبي الخير سلامة وهو من أحسن ما سمعته في هجو طبيب مشؤوم
أن أبا الخير على جهله ... يخف في كفته الفاضل
عليله المسكين من شؤمه ... في بحر هلك ما له ساحل
صفحہ 71