وَفِيهِ: أَنَّ أَهْلَ النُّورِ هُمْ أَهْلُ الْمَشْيِ فِي النَّاسِ، وَمَنْ سِوَاهُمْ أَهْلُ الزَّمَانَةِ وَالِانْقِطَاعِ فَلَا مَشْيَ لِقُلُوبِهِمْ وَلَا لِأَحْوَالِهِمْ، وَلَا لِأَقْوَالِهِمْ، وَلَا لِأَقْدَامِهِمْ إِلَى الطَّاعَاتِ. وَكَذَلِكَ لَا تَمْشِي عَلَى الصِّرَاطِ إِذَا مَشَتْ بِأَهْلِ الْأَنْوَارِ أَقْدَامُهُمْ.
وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿تَمْشُونَ بِهِ﴾ [الحديد: ٢٨] نُكْتَةٌ بَدِيعَةٌ وَهِيَ: أَنَّهُمْ يَمْشُونَ عَلَى الصِّرَاطِ بِأَنْوَارِهِمْ كَمَا يَمْشُونَ بِهَا بَيْنَ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا، وَمَنْ لَا نُورَ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْقُلَ قَدَمًا عَنْ قَدَمٍ عَلَى الصِّرَاطِ، فَلَا يَسْتَطِيعُ الْمَشْيَ أَحْوَجَ مَا يَكُونُ إِلَيْهِ.
[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الْأَنْوَارِ وَفِيهِ فَوَائِدُ جَلِيلَةٌ]
وَاللَّهُ ﷾ سَمَّى نَفْسَهُ نُورًا، وَجَعَلَ كِتَابَهُ نُورًا، وَرَسُولَهُ ﷺ نُورًا، وَدِينَهُ نُورًا، وَاحْتَجَبَ عَنْ خَلْقِهِ بِالنُّورِ، وَجَعَلَ دَارَ أَوْلِيَائِهِ نُورًا تَتَلَأْلَأُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [النور: ٣٥] وَقَدْ فُسِّرَ: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ. .﴾ [النور: ٣٥] الْآيَةَ بِكَوْنِهِ: مُنَوِّرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَهَادِي أَهْلِ السَّمَاوَاتِ
2 / 44