اجتماع الجیوش الاسلامیہ
اجتماع الجيوش الإسلامية ط عالم الفوائد
تحقیق کنندہ
زائد بن أحمد النشيري
ناشر
دار عطاءات العلم (الرياض)
ایڈیشن نمبر
الرابعة
اشاعت کا سال
١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
پبلشر کا مقام
دار ابن حزم (بيروت)
اجتماع الجيوش الإسلامية
على حرب المعطلة والجهمية
تأليف
الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية
(٦٩١ - ٧٥١)
تحقيق
زايد بن أحمد النشيري
المقدمة / 1
راجع هذا الجزء
محمد أجمل الإصلاحي
سعود بن العزيز العريفي
المقدمة / 3
مقدمة التحقيق
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾
[آل عمران/١٠٢].
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء/١].
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب/٧٠ - ٧١].
أما بعد:
فهذا كتاب «اجتماع الجيوش الإسلامية على حرب المعطلة والجهمية» للإمام العلامة ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى، نضعه بين أيدي القراء من طلبة العلم وغيرهم في ثوبه الجديد، وطبعته التامَّة، التي تطبع لأوَّل مرَّة، صنّفه مؤلفه في مسألة: علو الله، واستوائه على عرشه، فنسَّقه ورتبه وجمَّله وأتقنه، فجاء مؤلَّفهُ فريدًا في بابه، بديعًا في ترتيبه، شاملًا لأدلته وموضوعه.
المقدمة / 5
وقد دل السمع والعقل والفطرة على علو الله على خلقه، واستوائه على عرشه، وعلى ذلك تتابعت مؤلفات أهل السُّنة.
وقبل الحديث عن دراسة الكتاب، وما تضمنه واحتواه، أُحب أن أذكر نُبذة يسيرة عن الكتب المؤلفة في هذه المسألة.
تنقسم الكتب التي تحدثت عن مسألة العلو إلى قسمين:
القسم الأول: كتب مفردة في مسألة العلو
القسم الثاني: كتب عامَّة تضمَّنت المسألة.
القسم الأول: كتب مفردة في مسألة العلو:
١ - «العرش وما روي فيه» (^١) للحافظ محمد بن عثمان بن أبي شيبة
العبسي، المتوفَّى سنة ٢٩٧ هـ.
وقد طُبع بمكتبة السنة بالقاهرة، حققه وخرَّج أحاديثه وعلَّق عليه
أبو عبد الله محمد بن حمود الحمود.
٢ - «العرش والكرسي» ليحيى بن الحسين بن القاسم، المتوفَّى سنة
٢٩٨ هـ. انظر: الأعلام للزركلي (٨/ ١٤١).
_________
(^١) يلاحظ أنني جعلت ما أُلِّف عن «العرش»، مما أُلِّف عن مسألة العلو؛ للتلازم بينهما، ولأن الجهمية لمَّا كان من مذهبهم نفي العلو والفوقية؛ نَفَوا وجود العرش وحرَّفوه هَرَبًا من إثبات ذلك، فصار ما أُلِّف عن العرش لإثبات العرش والعلو معًا، والرد على نفاتهما.
المقدمة / 6
٣ - «العرش» للحافظ أحمد بن سليمان النجَّاد، المتوفَّى سنة ٣٤٨ هـ.
ذكره الذهبي في معجم شيوخه (١/ ١٧٢).
٤ - «العرش» لأبي عبيد أحمد بن محمد الهروي، المتوفَّى سنة ٤٠١ هـ.
انظر: المعجم المفهرس لابن حجر (ص/٤٠٠) رقم (١٧٧١)، وصلة الخلف بموصول السلف للروداني (ص/٣٠٤).
٥ - «الإيماء إلى مسألة الاستواء» لأبي بكر الحضرمي القيرواني.
ذكره القرطبي في الأسنى (٢/ ١٢٣).
٦ - «إثبات صفة العلو» للحافظ موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، المتوفَّى سنة ٦٢٠ هـ.
وقد طُبع عن مكتبة العلوم والحكم ومؤسسة علوم القرآن، حققه وعلَّق عليه د. أحمد بن عطية الغامدي.
٧ - «إثبات صفة العلو» للحافظ أبي منصور عبد الله بن محمد بن الوليد، المتوفَّى سنة ٦٤٣ هـ.
ذكره المؤلف في كتابه هذا (ص/٢٧٨).
٨ - «الرسالة العرشية» لشيخ الإسلام ابن تيمية، المتوفَّى سنة ٧٢٨ هـ.
المقدمة / 7
وقد طبعت ضمن مجموعة الفتاوى (٦/ ٥٤٥ - ٥٨٣).
٩ - «العلو للعلي الغفار، وإيضاح صحيح الأخبار من سقيمها» للحافظ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، المتوفَّى سنة ٧٤٨ هـ.
وقد طُبع بدار الوطن للنشر، دراسة وتحقيق عبد الله بن صالح البَّراك.
١٠ - «إثبات علو الرحمن من قول فرعون لهامان» (^١) لأُسامة بن توفيق القصاص، المتوفَّى سنة ١٤٠٨ هـ.
وقد طُبع عن جمعية إحياء التراث الإسلامي، لجنة البحث العلمي، في جزئين، الطبعة الأولى ١٤٠٩ هـ.
١١ - «إثبات علو الله ومباينته لخلقه، والرد على من زعم أن معية الله للخلق ذاتية» للشيخ حمود بن عبد الله التويجري، المتوفَّى سنة ١٤١٣ هـ.
١٢ - «علو الله على خلقه» لموسى بن سليمان الدويش.
وقد نشرته مكتبة العلوم والحكم بالمدينة، الطبعة
_________
(^١) وقد رأى طابعوه أن يحوَّل ذلك العنوان إلى «إثبات علو الله على خلقه والرد على مخالفيه»؛ كي لا يُفهم من عنوان المؤلف ما لا يُحمد!
المقدمة / 8
الأولى ١٤٠٧ هـ.
١٣ - «الرحمن على العرش استوى، بين التنزيه والتشويه» للدكتور
عوض منصور.
١٤ - «الرحمن على العرش استوى» للشيخ عبد الله السبت.
ثانيًا: كتب عامَّة تضمَّنت المسألة:
وهي نوعان:
١ - كتب التوحيد.
٢ - كتب الحديث الجامعة.
أولًا: كتب التوحيد:
وهي كثيرة، فلا يكاد يخلو كتاب من تلك الكتب إلا وذكرت مسألة العلو، ومنها على سبيل المثال.
١ - «السنة» لأبي بكر أحمد بن محمد بن هانئ الأثرم (ت ٢٧٣ هـ).
٢ - «السنة» لابن أبي عاصم (ت ٢٨٧ هـ).
٣ - «السنة» لعبد الله بن أحمد بن حنبل (ت ٢٩٢ هـ).
٤ - «السنة» لأبي بكر الخلال (ت ٣١١ هـ).
٥ - «السنة» للحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (ت ٣٦٠ هـ).
المقدمة / 9
٦ - «صريح السنة» لمحمد بن جرير الطبري (ت ٣١٠ هـ).
٧ - «التوحيد» لأبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة (ت ٣١١ هـ).
٨ - «التوحيد» لأبي عبد الله محمد بن إسحاق بن مندة
(ت ٣٩٥ هـ).
٩ - «الشريعة» لمحمد بن الحسين الآجرِّي (ت ٣٦٠ هـ).
ثانيًا: كتب الحديث الجامعة:
وهي عديدة، ذكر المؤلف بعضًا منها:
١ - الجامع الصحيح للبخاري (ت ٢٥٦). ذكر هذه المسألة في كتاب «التوحيد».
انظر ما كتبه المؤلف عنه (ص/٣٥٥ - ٣٦٧).
٢ - الصحيح لمسلم بن الحجاج (ت ٢٦١). ذكر الأحاديث الدالة على العلو في كتاب «الإيمان» وغيره.
انظر ما كتبه عنه المؤلف (ص/٣٦٧ - ٣٦٩).
٣ - الجامع للترمذي (ت ٢٧٩). ذكر المسألة ضمن الأحاديث الواردة في العلو، ونقل كلام أهل العلم فيها.
انظر ما كتبه المؤلف عنه (ص/٣٦٩ - ٣٧٢).
المقدمة / 10
٤ - السنن لأبي داود السجستاني (ت ٢٧٥). ذكر المسألة في كتاب «السنة».
وانظر ما قاله المؤلف عنه (ص/٣٧٢).
٥ - السنن لابن ماجه القزويني (ت ٢٧٣). ذكر مسألة العلو في مقدمة «سننه»، وذكر بابًا فيما أنكرت الجهمية وذكر فيه العلو.
وانظر ما قاله المؤلف عنه (ص/٣٧٢ - ٣٧٣).
المقدمة / 11
التعريف بكتاب
«اجتماع الجيوش الإسلامية على حرب المعطلة والجهمية»
لابن قيم الجوزية
ويتضمن ما يلي:
١ - اسم الكتاب.
٢ - إثبات نسبة الكتاب إلى مؤلفه.
٣ - تاريخ تأليف الكتاب.
٤ - نقول العلماء من الكتاب.
٥ - موضوع الكتاب ومحتواه.
٦ - موارد الكتاب.
٧ - مقارنة بين كتابي «العلو للعليِّ الغفار» للحافظ الذهبي، وكتاب «اجتماع الجيوش الإسلامية» لابن القيم.
٨ - طبعات الكتاب.
٩ - وصف النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق.
١٠ - المنهج في تحقيق الكتاب.
١١ - نماذج من النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق.
المقدمة / 12
١ - اسم الكتاب:
تعددت الأسماء الواردة لهذا الكتاب على سبعة عناوين، وهي
كالتالي:
١ - «اجتماع الجيوش الإسلامية على حرب المعطلة والجهمية»
وهذا العنوان جاء في آخر النسخة الظاهرية «ظ»، المكتوبة سنة ٧٦٠ هـ.
وجاء أيضًا في آخر نسخة برلين الألمانية «ب»، المكتوبة سنة ٨٣٩ هـ، بخط ابن زُرَيق الحنبلي، المتوفى سنة ٩٠٠ هـ.
٢ - «اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية»
وهذا العنوان ذكره المؤلف في كتابه «الفوائد» (ص/٤ - ٥).
وجاء أيضًا على الطبعة الحجرية الأُولى لهذا الكتاب، المطبوعة في الهند سنة ١٣١٤ هـ.
٣ - «اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو الفرقة الجهمية»
وهذا العنوان ذكره الحافظ ابن رجب الحنبلي في «ذيل طبقات الحنابلة» (٢/ ٤٥٠)، وابن العماد في «شذرات الذهب» (٦/ ١٧٠)، وإسماعيل باشا في «هدية العارفين» (٢/ ١٥٨)، وصديق حسن خان في «التاج المكلَّل» (ص/٤٢٨)، وأحمد ابن إبراهيم بن عيسى في «شرح النونية» (١/ ٨)، لكن الأخيرين
المقدمة / 13
نقلاه عن ابن رجب فيما يظهر، والله أعلم.
٤ - «اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو الجهمية»
وهذا العنوان أورده الداوودي في كتاب «طبقات المفسرين» (٢/ ٩٦).
٥ - «اجتماع الجيوش الإسلاميَّة»
وهذا العنوان جاء على آخر نسخة تشستربيتي الإيرلندية «أ».
وجاء أيضًا على غلاف النسخة التركية «ت»، وفي آخرها كذلك.
٦ - «الجيوش الإسلامية»
وهذا العنوان جاء على غلاف النسخ الآتية: النسخة الألمانية (برلين) «ب»، ونسخة تشستربيتي الإيرلندية «أ»، ونسخة دار الكتب المصرية، ونسخة مكتبة الرياض السعودية.
وذكره السفاريني في لوامع الأنوار (١/ ١٩٠، ١٩٦)، وابن عيسى في شرح النونية (١/ ٤٧٨).
٧ - «غزو الجيوش الإسلامية في الرد على المعطلة والجهمية»
وهذا العنوان جاء على غلاف النسخة العراقية «ع».
هذا ما وقفت عليه من عناوين لهذا الكتاب، ويظهر - والله أعلم - أن أرجح العناوين وأصحها هو العنوان الأول؛ لوروده في النسخة الأخيرة
المقدمة / 14
التي فيها زيادات انفردت بها عن بقية النسخ، وفي نسخة ابن زُريق الخالية من الزيادات.
ثم يليه في القوة الثاني؛ لصدوره عن المؤلف، ولولا أن المؤلف أحيانًا يذكر العنوان في كتبه بصيغ مختلفة؛ لكان هو الأحق بالترجيح.
ثم يليه الثالث في القوة؛ لصدوره من تلميذ المؤلف.
وأما العنوان الرابع؛ فلعل الداوودي لمَّا نقله عن ابن رجب حذف كلمة «فرقة» اختصارًا أو سقطت منه سهوًا.
وأما الخامس والسادس: فالاختصار فيهما ظاهر جدًّا.
وأما السابع: فالتحريف فيه ظاهر جدًّا.
٢ - إثبات نسبة الكتاب إلى مؤلفه:
اجتمعت في هذا الكتاب عامَّة الدلائل والبراهين التي تقطع بصحة نسبة هذا الكتاب إلى مؤلفه، وإليك بيانها:
١ - نصَّ المؤلف على اسم الكتاب «اجتماع الجيوش ...» في أحد كتبه، وهو كتاب «الفوائد» في (ص ٤ - ٥).
٢ - تصريح المؤلف في هذا الكتاب في (ص/٢٨٠) باسم مؤلَّف مشهور من مؤلفاته، وهو كتاب «الشافية الكافية ...».
٣ - إشارة المؤلف في كتاب «حادي الأرواح»، إلى كتابنا هذا وموضوعه، فقال في «حادي الأرواح» (٢/ ٨٤٣): «وقد جمعنا
المقدمة / 15
منه في مسألة علو الرب تعالى على خلقه، واستوائه على عرشه وحْدَها سِفْرًا متوسطًا».
٤ - تشابه المادة العلمية في هذا الكتاب فيما يتعلق بالأحاديث والآثار، والكلام عليها صحةً وضعفًا مع كتاب آخر للمؤلف وهو «الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة»، كما جاء ذلك في مختصره للموصلي من الوجه العاشر إلى الوجه الرابع عشر من المثال «السابع»: مما ادَّعى المعطلة مجازه: «الفوقية». انظر (ص/٣٧١ - ٣٧٦).
٥ - تصريح المؤلف بالنقل عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية في عدة مواضع من كتابه هذا، وأصرحها ما نقله عن شيخه من كتاب «الأجوبة المصرية». انظر (ص/٢٨٧).
٦ - مجيء نسبة هذا الكتاب إلى مؤلفه «ابن القيم» في جميع النسخ الخطية التي اعتمدناها، والتي اعتمد عليها غيرنا كناشر الطبعة الهندية وغيرها، والتي وُصِفتْ في الفهارس.
٧ - نقل بعض أهل العلم من هذا الكتاب كالسفاريني، وأحمد بن
عيسى كما سيأتي.
٨ - أن أكثر الذين ترجموا للمؤلف ذكروا هذا الكتاب ضمن مؤلفاته، وأولهم تلميذه الحافظ ابن رجب الحنبلي في «ذيل طبقات الحنابلة» (٢/ ٤٥٠)، ثم الداوودي في «طبقات
المقدمة / 16
المفسرين» (٢/ ٩٦)، ثم ابن العماد الحنبلي في «شذرات الذهب» (٦/ ١٧٠)، وإسماعيل باشا في «هدية العارفين» (٢/ ١٥٨)، ثم صديق حسن خان في «التاج المكلَّل» (ص/٤٢٨) وغيرهم.
٣ - تاريخ تأليف الكتاب:
لم أقف على مَنْ نصَّ على تاريخ تأليف هذا الكتاب، والذي يظهر لي أن ابن القيم ألف أصله في سنة ٧٤٥ هـ أو قبلها، ثم أضاف إليه زيادات كما سيأتي.
فمن خلال ورود موضوع هذا الكتاب في «حادي الأرواح» (٢/ ٨٤٣) الذي ألَّفه سنة (٧٤٥ هـ) (^١) حيث يقول فيه: «وقد جمعنا منه في مسألة علو الرب تعالى على خلقه واستوائه على عرشه وحدها سفرًا متوسطًا»، ومراده «اجتماع الجيوش ...» قطعًا= يتَّضح لنا جليًّا أنَّ المؤلّف قد كتب النسخة الأولى في تلك السَّنَة أو قبلها، فانتشر الكتاب بين النُّساخ (^٢)، وطلبة العلم. ولما كان من شأن المؤلف وعادته أنه دائب البحث، كثير القراءة والتأليف؛ كان لا يَدَع شيئًا يمرُّ عليه يخصُّ تلك المسألة إلا ويضعها في مكانها اللائق بها، فأضاف:
_________
(^١) انظر مقدمة تحقيق «حادي الأرواح» (١/ ١٥).
(^٢) ولهذا كان عامَّة النسخ المخطوطة لهذا الكتاب هي التأليف الأول الخالي عن الزيادات والإضافات.
المقدمة / 17
١ - بعض الآيات الدالة على العلو.
٢ - وأضاف أقوال رسل الله ... كآدم، وداود، وإبراهيم، ويوسف، وموسى ﵈.
٣ - وأضاف كثيرًا من الأحاديث والآثار في أثناء الكتاب (^١).
فنسخت تلك النسخة الأخيرة بعد وفاة ابن القيم بتسع سنين، ولم يُكتب لها الانتشار والشهرة لعدم العلم بها أو الوقوف عليها أو لغير ذلك، والله أعلم.
٤ - نقول العلماء من الكتاب:
١ - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني (ت ١١٨٨ هـ).
نقل في كتابه «لوامع الأنوار البهيَّة وسواطع الأسرار الأثرية شرح الدرة المضيَّة في عقيدة الفرقة المرضية» عن هذا الكتاب نقلًا طويلًا في الآيات والأحاديث الواردة في العلو في (١/ ١٩٠ - ١٩٢)، وهو يوافق ما في «اجتماع الجيوش ...» (ص/١٠٠ - ١٥٩).
٢ - أحمد بن إبراهيم بن عيسى (ت ١٣٢٩ هـ).
_________
(^١) انظر (ص/٩٣ - ٩٦)، (٩٨ - ١٠٠، ١٠١، ١٠٤ - ١٠٥، ١١١ - ١١٢، ١١٤ - ١١٥، ١٣٤ - ١٤٠، ١٤٧ - ١٤٨، ١٥٥، ١٥٨ - ١٥٩)، (١٧٠ - ١٧٢).
المقدمة / 18
نقل في كتابه «توضيح المقاصد وتصحيح القواعد في شرح قصيدة الإمام ابن القيم» من هذا الكتاب في (١/ ٤٧٨) فيما يتعلق بمؤلَّف أبي الخير في السُّنة، وهو يوافق ما في «اجتماع الجيوش ...» (ص/٢٧٨).
٥ - موضوع الكتاب ومحتواه:
أما موضوعه:
فهو في علو الله على خلقه، واستوائه على عرشه، كما أفصح عن ذلك المؤلف في كتاب «حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح» (٢/ ٨٤٣)، فقال فيه: «وقد جمعنا منه في مسألة علو الرب تعالى على خلقه، واستوائه على عرشه وحدها سفرًا متوسطًا». ويعني بذلك كتابه هذا «اجتماع الجيوش الإسلامية».
وأما محتواه:
فيمكن تقسيمه إلى قسمين:
الأول: كالمقدمة لهذا الكتاب: تحدث فيها عن نعمة الله، وأقسام الناس، والأمثال المضروبة في القرآن مما يختص بأقسام الناس، والتوحيد وأنواعه.
الثاني: صلب الكتاب: وهو مسألة العلو.
المقدمة / 19
فأما القسم الأول:
فابتدأه المؤلف بمقدمة دعا فيها أن يمتِّعنا الله بالإسلام، والسنة، والعافية، مبيِّنًا أن سعادة الدنيا والآخرة ونعيمهما وفوزهما مبنيٌّ على هذه الأركان الثلاثة.
ثم ذكر ﵀ أقسام النعمة، وأنها قسمان، مطلقة ومقيدة، وتحدث عنهما بإسهاب.
ثم تحدث عن لفظ «الدين»، وأنواع إضافاته، مع بيان الدلالة من الآية على هذه النعمة المطلقة (ص/٣ - ٧).
ثم عقد فصلًا أوضح فيه أن الفرح الحقيقي يكون لمن تحصَّل على النعمة المطلقة، ثم بيَّن في هذا الفصل منزلة السُّنة وصاحبها.
ثم شرح معنى «النور» الوارد في سورة الشورى والأنعام والحديد (ص/١٦ - ١٨).
ثم تحدَّث عن أقسام الناس، فبيَّن أنهم قسمان: أهل الهدى والبصائر، وأهل الجهل والظلم.
ثم أسهب في بيان المراد بقوله تعالى: ﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ﴾ [النور/٤٠]، (ص/٢٨ - ٣٩).
المقدمة / 20
ثم تحدث عن المثلين المائي والناري المضروبين في القرآن للمنافقين، وشرحهما. (ص/٣٩ - ٥٠)
ثم بيَّن أقسام الناس في الهُدى الذي بعث الله به رسوله ﷺ.وبيَّن أنهم أربعة أقسام. (ص ٥٠ - ٦١).
ثم أسهب المؤلف ﵀ في بيان ما اشتمل عليه المثلان من الحِكَم العظيمة والفوائد النفيسة، وغيرها. (ص/٦٢ - ٧٥).
ثم تحدث بشيء من التفصيل عن الآيات الواردة التي فيها لفظة «النور» والمراد منها. (ص/٧٥ - ٧٧).
ثم تحدث بما يشبه الموعظة عن حال أرباب الأعمال، الذين كانت أعمالهم لغير الله أو على غير سنة رسوله ﷺ، وحال أرباب العلوم والأنظار الذين لم يتلقَّوها من مشكاة النبوة، وكيف يكون حالهم يوم القيامة إذا ردُّوا إلى الله مولاهم الحق. (ص/٧٦ - ٨٢).
ثم عقد فصلًا عظيمًا أوضح فيه أن ملاك السعادة والنجاة تحقيق التوحيدين اللذين عليهما مدار كتب الله، ثم بَيَّنهما بقوله:
أحدهما: التوحيد العلمي الخبري الاعتقادي.
الثاني: عبادته وحده لا شريك له، وتجريد محبته، والإخلاص له، وخوفه ورجاؤه، والتوكل عليه، والرضى به ربًّا وإلهًا ووليًّا. (ص/٨٤ - ٨٧).
ثم أعقبه بكلام لشيخ الإسلام ابن تيمية في بيان أنه تعالى مستوٍ
المقدمة / 21
على عرشه في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ وعامَّة كلام الصحابة والتابعين وكلام سائر الأئمة وأهل العلم (٨٧ - ٩١).
وكان هذا مناسبًا للتخلّص والدخول في القسم الثاني من الكتاب وهو موضوع العلو واستواء الله تعالى على عرشه.
القسم الثاني:
ثم شرع المؤلف ﵀ في الدخول في صلب الكتاب وعرض مادته، فرتبه ترتيبًا بديعًا، ونسَّقه تنسيقًا فريدًا، فبدأه من الأدلة بأعلاها قوةً وبيانًا، وختمها بما هو أقلّ قوة في البيان والاستدلال.
فجاء على النحو التالي:
١ - ذكر الآيات الدالة على علو الله تعالى واستوائه على عرشه،
(ص/٨٩ - ٩٢).
٢ - ثم ذكر أقوال رسل الله والسفراء بينه وبين خلقه: فذكر قول آدم، وداود، وإبراهيم، ويوسف، وموسى، صلوات الله وسلامه عليهم، (ص/٩٣ - ٩٦). ثم سرد عن نبينا ﷺ أكثر من ستِّين حديثًا، (ص/٩٧ - ١٦١).
٣ - ثم ذكر ما حفظ عن أصحاب رسول الله ﷺ، (ص/١٦٢ - ١٨٠).
٤ - ثم ذكر أقوال التابعين، (ص/١٨٠ - ١٩٠).
٥ - ثم أقوال تابعي التابعين، (ص/١٩١ - ١٩٥).
المقدمة / 22