عليهم تحيات من الله دائما ... بروح وريحان يفوح لها عطر ومما اختص به أصحاب الحديث، ولم يشاركهم فيه سواهم:
أن الله تعالى يرزقهم ملكة نورانية يقذفها الله تعالى في قلوبهم، يقتدرون بها على تمييز كلام النبي صلى الله عليه وسلم من غيره، ويحصل لهم ذلك كما قال ابن دقيق العيد: بكثرة محاولة ألفاظ النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا مما أكرمهم الله تعالى به.
قال الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي: إن الحديث المنكر يقشعر منه جلد طالب الحديث، وينفر من قلبه في الغالب.
وقال الربيع بن خثيم: إن للحديث ضوءا كضوء النهار تعرفه، وظلمة كظلمة الليل تنكره.
هذا، وإن من طرق الرواية الإجازة، على مذهب من قال بذلك وأجازه، وهم جمهور المحدثين، واستقر عليه عملهم، وأوجبوا العمل بها.
وهي تنوب لطالبها مناب السماع، وفيها للراغب في نشر السنة الشريفة نوع اتساع؛ فلهذا ثابر على تحصيلها ذوو الهمم العلية، وحرص على نيلها الموفقون أرباب الشيم الزكية، من كل تحرير برع في طلب العلوم، وجمع المنطوق منها والمفهوم، حتى امتطى من درجات الكمال ذروتها وسنامها، وكشف عن وجوه مخدرات الحقائق لثامها.
صفحہ 25