البحث الخامس
في الإضمار
هل المضمر هو محل التجوز أو هو سبب التجوز؟ وهو من البحوث الدقيقة التي تتعين العناية به.
فمذهب الإمام: أن المضمر هو محل التجوز، لقوله في باب المجاز: إن قوله تعالى {واسأل القرية} يوسف/82 موضوع لسؤال القرية، ثم نقل إلى الأهل؛ لأن الظاهر هو الحقيقة، والمضمر المجاز، بناء على أن العرب إنما وضعت الإسناد في المعنى الذي له الإسناد في اللفظ، والإسناد في اللفظ للقرية، فينبغي أن يكون المعنى لها، فلما لم يكن في المعنى لها كان على خلاف الوضع الأصلي، فكان مجازا.
وغيره من أرباب علم البيان يقول: المضمر سبب التجوز، ويراعي حقائق الأفعال، فيقول: العرب وضعت السؤال ليركب مع من يصلح للإجابة؛ لأن ذلك مقتضى حكمة الواضع، فإذا ركب مع من لا يصلح للإجابة يكون مجازا في التركيب.
وهذا المذهب لا بد في تقريره من التنبيه على قاعدة، وهي أن العرب لما وضعت المفردات هل وضعت المركبات أم لا؟
وهي مسألة [5/ب] ذات قولين؛ لأن المجاز في المركب فرع وضعه، ومن أنكر الأصل فأولى أن ينكر الفرع.
حجة القائلين بالمنع: أنا نركب الأفعال مع أسماء حدثت في زماننا لم تعلمها العرب، ويكون كلاما عربيا، كما لو سمينا رجلا بخنفشار، ثم قلنا: أكرمت خنفشارا، كان عربيا، فدل ذلك على أن العرب لم تعرج على المركبات، بل وضعت المفردات وخيرت في التركيب.
صفحہ 24