كان أصحاب الكهف فتية [شبابا] متقاربي السن، أصحاب صيد، وكانوا على الحق وعبادة الله -عز وجل-،فلما أظهر قومهم الكفر والشرك وعبادة الأوثان اعتزلوهم، وكانوا على عبادة الله وصيدهم. وأووا إلى كهف، وكانوا في عزلة من قومهم هم وكلبهم الذي كان معهم يصيدون به، فألقى الله -عز وجل- النوم والسبات، وصرف الله عنهم الناس والأبصار، فلم يبصرهم أحد، ولا فطن بمكانهم، فلبثوا ثلاثمائة سنة وتسع سنين، حتى انقرضت الأمة التي كانوا منها، والملك الذي كان عليهم، وبعث عيسى ورفع، وأخبر عنهم.
ثم إن الله -عز وجل- رد عليهم أرواحهم فقالوا بعضهم لبعض: كم لبثتم؟ قالوا: يوما أو بعض يوم، وكان معهم دراهم فقالوا: ابعثوا أحدكم بها إلى المدينة يأتينا منها برزق نأكله، وليتلطف، ولا يخبر بنا أحدا منهم، فإنهم إن اطلعوا علينا رجمونا أو أكرهونا على العودة في ملتهم، ويكون سبب خسراننا، وأنا لا نفلح أبدا، وظنوا أن قومهم أحياء، وأن مدة نومهم [يوم واحد].
فانطلق أحدهم حتى دخل المدينة، فلما دخل رياض المدينة أنكرها، وأنكر كل ما كان فيها، وأنكر الناس في صغرهم وتغيرهم، ووجد معهم دراهم غير الدراهم التي معهم، فتحير وأنكر ذلك، وجعل يتردد، ويقبل ويدبر، وأبطأ على أقرانه.
صفحہ 84