وهو حسبي
الحمد لله الكريم التواب، الرحيم الوهاب، أحمده حمد الأحباب، وأشكره شكر ذوي الآداب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة الأنجاب، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله -صلى الله عليه وعلى جميع الآل والأصحاب وسلم تسليما-.
وبعد،
فهذه نبذة يسيرة في أحكام الكلاب سميتها (الاغتراب في أحكام الكلاب)، والله أسأل أن ينفعني بها وجميع الإخوان والأصحاب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
صفحہ 79
((باب في ذكر الله الكلب باسمه))
قد ذكر الله -عز وجل- الكلب في غير موضع في كتابه بصريح اسمه، فقال تعالى: {فمثله كمثل الكلب}.
وقال -تعالى-: {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم}، {ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم}.
صفحہ 80
((باب في ضرب الله المثل بالكلب))
قد ضرب الله -عز وجل- المثل في كتابه بالكلب فقال: {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان (فكان) من الغاوين. ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث}.
وقد اختلف في صاحب هذا المثل من هو؟
فقيل: هو أمية بن أبي الصلت، وأنه كان نبيا فزاغ.
صفحہ 81
وقيل: بل الآية في بلعام، وقيل: بلعم بن باعورا، وقد كان نبيا في بني إسرائيل فزاغ، وسبب زيغه أن بني إسرائيل (وموسى) لما أرادوا قتال الملك الذي هو في أرضه، أراد منه الملك أن (يدعو) عليهم، وأن يخرج إليه لأجل ذلك، فاستأمر ربه في ذلك، فنهاه عن ذلك، فامتنع، فطلب الملك وجه الحيلة في ذلك، فأخبر أن له امرأة حسناء، وهو مشغوف بها، وأن ذلك لا يكون إلا من قبلها، فأهدى إليها الهدايا الفاخرة، فزينت له ذلك، وحملته عليه، فخرج إلى الملك، ثم إنه استشاره في ذلك، فدخله الشيطان وزين له الحيلة، وأن هذا موسى كليم الله، ومعهم المؤمنون، وأنهم ما داموا على الخير لا قدرة لأحد بهم، وإنما الوجه في ذلك أن تزين النساء، وتدخل عسكرهم، فمتى وقع منهم الزنا والفساد (هزموا وهلكوا)، ثم إن بلعم بعد أن رتب الحيلة حصلت له الأمور الشيطانية والزيغ.
صفحہ 82
((باب في كلب أصحاب الكهف))
صفحہ 83
كان أصحاب الكهف فتية [شبابا] متقاربي السن، أصحاب صيد، وكانوا على الحق وعبادة الله -عز وجل-،فلما أظهر قومهم الكفر والشرك وعبادة الأوثان اعتزلوهم، وكانوا على عبادة الله وصيدهم. وأووا إلى كهف، وكانوا في عزلة من قومهم هم وكلبهم الذي كان معهم يصيدون به، فألقى الله -عز وجل- النوم والسبات، وصرف الله عنهم الناس والأبصار، فلم يبصرهم أحد، ولا فطن بمكانهم، فلبثوا ثلاثمائة سنة وتسع سنين، حتى انقرضت الأمة التي كانوا منها، والملك الذي كان عليهم، وبعث عيسى ورفع، وأخبر عنهم.
ثم إن الله -عز وجل- رد عليهم أرواحهم فقالوا بعضهم لبعض: كم لبثتم؟ قالوا: يوما أو بعض يوم، وكان معهم دراهم فقالوا: ابعثوا أحدكم بها إلى المدينة يأتينا منها برزق نأكله، وليتلطف، ولا يخبر بنا أحدا منهم، فإنهم إن اطلعوا علينا رجمونا أو أكرهونا على العودة في ملتهم، ويكون سبب خسراننا، وأنا لا نفلح أبدا، وظنوا أن قومهم أحياء، وأن مدة نومهم [يوم واحد].
فانطلق أحدهم حتى دخل المدينة، فلما دخل رياض المدينة أنكرها، وأنكر كل ما كان فيها، وأنكر الناس في صغرهم وتغيرهم، ووجد معهم دراهم غير الدراهم التي معهم، فتحير وأنكر ذلك، وجعل يتردد، ويقبل ويدبر، وأبطأ على أقرانه.
صفحہ 84
فلما شك وارتاب أقبل إلى مشايخ من مشايخهم توسم منهم (الخير) فوجد معهم الإنجيل يقرءونه، فسمع ما فيه من توحيد الله وعظمته فعرف ذلك، واستمع له، ثم سألهم فأخبروه عن بعث عيسى، وأنه رفع، وقال: كم أقام فيكم؟ قالوا: (ثلاث) وثلاثون سنة، ثم سألهم عن ملكهم الذي كان في زمانهم دقيانوس، وهل بقي أحد من ملته وما كانوا عليه من الكفر؟ قالوا: لا وأنكر الناس خلقته وهيئته والدراهم التي معه، وأخبروه أن عيسى أخبرهم عنهم، وعرفوا أنه منهم، فأكرموه، وقاموا يطلبونهم، وأخبروه أن الكلب من علامتهم، فلما وصلوا إلى مكانهم أوقفهم، ودخل على أصحابه فأخبرهم بما رأى، فسألوا الله -عز وجل- أن يطبق كهفهم عليهم وعلى كلبهم، ففعل الله -عز وجل- ذلك، فبقي أهل المدينة واقفين متحيرين، فكان آخر العهد بهم، وتنازع الناس في أمرهم كما أخبر الله -عز وجل-، منهم من يقول: ثلاثة رابعهم كلبهم، ومنهم من يقول: خمسة سادسهم كلبهم، ومنهم من يقول: سبعة وثامنهم كلبهم.
وذهب ابن عباس وغيره أنهم سبعة والكلب ثامنهم.
صفحہ 85
((باب طهارة الكلب ونجاسته))
قد اختلف الناس في ذلك.
صفحہ 86
ومذهب مالك طهارته، وإليه أشار البخاري بقوله: وسؤر الكلاب، وممرها، وفي نسخة قديمة: وأكلها.
قال البخاري: وقال الزهري: إذا ولغ الكلب في إناء ليس له وضوء غيره يتوضأ به، وقال (سفيان): هذا الفقه بعينه، يقول الله -عز وجل-: {فلم تجدوا ماء فتيمموا} وهذا ماء، وفي النفس منه شيء، يتوضأ به ويتيمم.
صفحہ 87
قال: وقال أحمد بن (شبيب): حدثنا أبي عن يونس عن ابن شهاب قال: (حدثنا) حمزة بن عبد الله عن أبيه قال: كانت الكلاب تقبل وتدبر في المسجد في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكونوا يرشون (شيئا من) ذلك.
صفحہ 88
وقد قال الجمهور منهم أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد بنجاسته؛ لأن الله -عز وجل- أمر بغسل أثره سبعا، وهذا لا يكون إلا عن النجاسة.
وعند مالك ليس بنجاسة، إنما هو لغير ذلك، (كغسل) اليدين عند الصباح من نوم الليل، ونحو ذلك.
صفحہ 90
((باب غسل نجاسة الكلب))
أخبرنا أبو العباس الفولابي، أنبأنا ابن بردس، أنبأنا ابن الخباز، أنبأنا الإربلي، أنبأنا الفراوي، أنبأنا الصاعدي، أنبأنا الجلودي، أنبأنا إبراهيم بن سفيان، أنبأنا مسلم بن الحجاج، حدثني علي بن حجر، حدثنا علي بن مسهر، أنبأنا الأعمش عن أبي رزين وأبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه، ثم يغسله سبع مرات)).
صفحہ 91
قاله (إلى) مسلم، حدثنا زهير بن حرب، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يغسله سبع مرات، أولاهن بالتراب)).
قاله (إلى) مسلم، حدثنا محمد بن رافع، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يغسله سبع مرات)).
صفحہ 92
أخبرنا الجماعة، أنبأنا ابن الزعبوب، أنبأنا الحجار، أنبأنا ابن اللتي، أنبأنا السجزي، أنبأنا أبو الحسن الداودي، أنبأنا أبو محمد السرخسي، أنبأنا أبو عمران السمرقندي، أنبأنا أبو محمد الداري، أنبأنا وهب بن جرير، حدثنا سعيد، عن أبي (التياح) عن مطرف، عن عبد الله بن (المغفل) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات، والثامنة عفروه في التراب)).
صفحہ 93
أخبرنا الجماعة، أنبأنا ابن الزعبوب، أنبأنا الحجار، أنبأنا ابن الزبيدي، أنبأنا السجزي، أنبأنا الداودي، أنبأنا السرخسي، أنبأنا الفربري، أنبأنا البخاري، حدثنا عبد الله بن يوسف، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا)).
وقد قال جمهور أهل العلم بنجاسة الكلب، وأن نجاسته تغسل سبع مرات إحداهن بالتراب، لكن اختلفوا هل نجاسته وغيرها من النجاسات سواء في الغسل، أم نجاسة الكلب والخنزير أغلظ من غيرهما من النجاسات؟.
فروى عن أحمد أن النجاسات كلها سواء، وهو اختيار الخرقي وغيره من أئمة أصحابه.
صفحہ 94
وعنه (رواية) أنه ما من نجاسة الكلب والخنزير أغلظ، فيغسل سبعا، وغيرها من النجاسات اختلفت الرواية عنه فيها.
فعنه: يغسل سبعا من غير تراب.
وعنه: ثلاثا.
(وعنه): يكاثر من غير عدد حتى تزول عينها.
صفحہ 95
((باب الأجر في سعي الكلب))
أخبرنا الجماعة، أنبأنا ابن الزعبوب، أنبأنا الحجار، أنبأنا ابن الزبيدي، أنبأنا السجزي، أنبأنا الداودي، أنبأنا السرخسي، أنبأنا الفربري، أنبأنا البخاري، حدثنا الحسن بن صباح، حدثنا إسحاق الأزرق، حدثنا عوف، عن الحسن وابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((غفر لامرأة مومسة مرت بكلب على رأس ركي يهلث، كاد يقتله العطش، فنزعت خفها، فربطته بخمارها، فنزعت له من الماء، فغفر لها بذلك)).
صفحہ 96
قاله إلى البخاري: حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن سمي مولى أبي بكر، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((بينما رجل بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئرا فنزل فيها فشرب، ثم خرج فإذا كلب يلهث، يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر، فملأ خفه ماء، فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له)) قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم لأجرا؟ فقال: ((في كل (ذات) كبد رطبة أجر)).
صفحہ 97
وكان شيخنا الشيخ تقي الدين ابن قندس مرة عندنا، دعوناه لطعام، وكان عندنا في البستان (جرو) كلبة، فكان يقوم فيطعمهم بنفسه، ثم يعود، ففعل ذلك مرارا فقال له والدي: في هذا أجر؟ فقال: نعم، في كل (ذات) كبد رطبة أجر كما صح في الحديث.
ولا شك أن إطعام الطعام هو كسقي الماء، وأعظم منه، والله أعلم.
صفحہ 98
((باب سؤر الكلاب))
أخبرنا أبو العباس الفولابي، أنبأنا ابن بردس، أنبأنا ابن الخباز، أنبأنا الإربلي، أنبأنا الفراوي، أنبأنا الصاعدي، أنبأنا الجلودي، أنبأنا إبراهيم بن سفيان، أنبأنا مسلم بن الحجاج، حدثنا يحيى بن (علي)، قرأت على مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات)).
وقال البخاري: وسؤر الكلاب وممرها في المسجد، قال: وقال الزهري: إذا ولغ الكلب في الإناء ليس له وضوء غيره، يتوضأ به.
وفي هذا دلالة على أن سؤره عنده طاهر.
قال البخاري: وقال سفيان: هذا الفقه بعينه؛ يعني قول الزهري: يقول الله عز وجل: {فلم تجدوا ماء فتيمموا} وهذا ماء، وفي النفس منه شيء، يتوضأ به ويتيمم.
صفحہ 99