لله عليه وعلى آله لو خرج من العالم بغتة ولم يقدر على إقامة وصى، يودعه أسرار النبوة ويعلمه دقائق الحكمة وغوامض التأويل، كان للنفس أن تتخيل21 في النبوة فتتوهمها دولة مجبورة موقتة قد انقضت بموت صاحبها، ولم تحسبها [99 تأييدا سماويا اختياريا. فإذا يسر الله للنبى عقد الوصية ونصب الوصى، وتعليمه وصه بعض ما علمه الله وأطلعه عليه، كان من ذلك زوال هذا الشك ووقوع اليقين بأنها ليست بدولة مجبورة تنقضى بانقضاء صاحبها، بل تكون ثبوتها بعده أشد وأحكم. فهذه علة ثالثة في عقد الوصية ونصب الوصى.
ولما صحت بهذه المقدمات الصحيحة الوصية والوصي للنبي وجب علينا أن ننظر من هو الوصى، ومن أي شخص ظهر هذا الشرف وهذه الفضيلة، وما الفرق بين الوصي والمتوصي على وزن النبى والمتنبي، لتكون ولايتنا للوصي وبراءتنا من المتوصى بحقه وصدقه. فأقول بعون الله وتوفيقه وهدايته إن الله تعالى ذكره واحد أحد فرد، لم يشركه22 فى الوحدانية مخلوق، كما أنه تعالى ذكره لم يشرك المخلوق23 فى الزوجية. وإذا ثبت للواحد المتعالى الفرد[انلية لزم المخلوق [100] الزوجية من جميع الوجوه. فإذا لزم المخلوق الزوجية من جميع الوجوه وجب أن لا ينفرد قائم فى زمان بنيل فضيلة مخصوصة إلا أن يكون معه من نسبه وقرابته ورحمه زوج يشركه في بعض ما يناله ويمب عليه. ولما كان المصطفى صلى الله عليه وعلى آله من نسل عبد المطلب وجب أن يكون المخصوص بالمشاركة معه في نيل بعض ما يناله من نسل عبد المطلب أيضا.
صفحہ 154