ذلك العالم لئلا ينقطع التأييد بعده عن منصوب للوصاية، فتكون الهيبة بعده قائمة والرعب في قلوبهم [97] قاذفا لئلا يجسروا على إظهار نفاقهم، فيكون من ذلك ذهاب الملة وبطلان الإسلام. فهذه علة عقد الوصية ونصب الوصى للنبى.
ولعقد الوصية ونصب الوصي علة أخرى ثانية، وهي أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله قد ظهر بين قبائل العرب، وهي، أعنى قبائل العرب بين قبائل الروم والفرس. ولأهل هاتين الناحيتين من الدهاء1 والبصيرة، وذكاء الفطنة، وبعد الغور، والإشراف على العلوم اللطيفة ما يضرب به المثل. وما دام الرسول صلى الله عليه وعلى آله قائما بين أظهر قومه فإن أطماع هاتين الناحيتين منقطعة عن التدليس فى هذه الملة الشريفة، والمكر بها وإرادة الكيد لها. فعلم الخالق جل جلاله أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله يموت عند مجىء أجله، فأمره بإقامة وصي، خير، فاضل ، [98] عالم ، مؤيد من السماء، وندبه إلى تعليمه إياه من العلوم اللطيفة والأسرار الشريفة ما يورته الهيبة وعظمة النفس، فلا يكون لتدليس المدلسين وتمويه المموهين ومخرقة الممخرقين موضع. ومن قصد مشىء من ذلك وجد18 عنده لما يرميه19 شهابا ثاقبا. فهذه علة ثانية لعقد الوصية ونصب الوصي.
ولعقد الوصية ونصب الوصي علة أخرى ثالثة،20 وهي أن رسول الله صلى
صفحہ 153