إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزك عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطن وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام. فلو كان الماء في هذا الموضع الماء الطبيعى المعروف، فأي رجز من الشيطان يذهب به، وأي [20رباط للقلوب. بالماء، وأي ثبات للأقدام به? وليس الأمر كما توهمه بعض الناس أن هذه الآية نزلت في بعض مغازى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله حيث11 عز الماء. لأنه لو كان الأمر فيه كما حسبه الجهال، فأية فائدة لنا فى قراءة هذه الآية وقد مضى زمانها وناسها؟12 وأية حكمة فى قراءة هذه الآية بعد مضي زمانها بثلاثمائة ونيف وخمسين سنة?
لكنه لما كان تأويله أن الله تعالى ذكره حكيم عليم قادر رحيم بالعباد، جعل النوم واليقظة مقرونين أحدهما بالآخر، وجعل قوام البشر بهما جميعا لأن لهم في كل واحد منهما ارتفاق ما ليس لهم في الآخر. فباليقظة يستقيم أحوال معاشهم ومكسبهم، وبالنوم يستقيم بقاء أجسامهم5 وبقاء حراراتهم الغريزية. والدين معيار كل شيء وإليه مرجع كل شيء ومنه مأخد [2] كل شىء. فوجب أن تكون أحوال الدين مشاكلة لأحوال الأبدان ولأحوال جميع الخلقة. ولما وجب ذلك لزم أن يكون وجود حال النوم واليقظة في الدين موجودين.
صفحہ 233