افصاح عن معانی الصحاح
الإفصاح عن معاني الصحاح
تحقیق کنندہ
فؤاد عبد المنعم أحمد
ناشر
دار الوطن
اصناف
في الصدقات أبدا، لأنهم لم يقسموا الأرض على الفقراء وإنما قسموا غلتها.
* وفي هذا الحديث من الفقه أن من شرف الأنبياء أن لا يورثوا مالا، فإن تركهم المال مع كونهم بعثوا داعين إلى الزهد في المال لا يليق بشرف منازلهم، ولهذا قال ﷺ في حديث أبي هريرة: (لا يقتسم ورثتي دينارا) وقول عائشة: (جاءت فاطمة والعباس يلتمسان ميراثهما من رسول الله ﷺ)، وقول أبي بكر لهما: (سمعت رسول الله ﷺ يقول: لا نورث، ما تركناه صدقة) فإني استدللت بهذا من فعل أبي بكر ﵁ على متانة دينه وشدة ورعه، وأنه لو كان مسامحا أحدا من خلق الله في حق من حقوق الله لكان قد سامح فاطمة ابنة رسول الله ﷺ والعباس عم رسول الله ﷺ؛ ولهذا قال في آخر الحديث: (والله لقرابة رسول الله ﷺ أحب إلي أن أصل من قرابتي) لكنه خاف من الله ﷿ أن يراه أو يراه العباس وفاطمة بعين من سامحهما في ذات الله ﷿.
* وفي هذا الحديث أيضا من الفقه أن الإنسان إذا كان عنده قول حق أو تحمل شهادة في موطن يشبه التهمة فإنه يصدع بالحق فيه، ولا يلتفت إلى ما يظن الجاهلون به، وأن أبا بكر ﵁، هو راوي هذا الحديث، وهو الخصم في الأمر من حيث إن الولاية له، وهو مع ذلك كله صدع بالأمر (١٤/ ب) وشهد بالحق، فلا جرم أنهما ﵄ صدقا خبره، وقبلا قوله.
* وقوله: (إني أخاف إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ) فيه أنه لا ينبغي للعالم، ولا لذي الخطر الكبير أن يتجاوز عن شيء في معصية الله في أمر زهيد ولا شيء يسير؛ فإن أبا بكر ﵁ على ارتفاع مقامه وعلو شأنه يقول: (إني أخاف إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ) أي أميل.
* وأما قول عائشة ﵂: (هجرته فاطمة ﵂ فلم تكلمه حتى
1 / 73