وحدثني عن جده، عن أبي عبد الله الفارسي قال: ضاق بالإمام القاسم عليه السلام المسالك واشتد الطلب، ونحن مختفون معه خلف حانوت أسكاف من خلصان الزيدية، فنودي نداء يبلغنا صوته: برئت الذمة ممن آوى القاسم بن إبراهيم، وممن لا يدل عليه، ومن دل عليه فله ألف دينار، ومن البز كذا وكذا. والأسكافي مطرق يسمع ويعمل ولا يرفع رأسه، فلما جأنا قلنا له: أما ارتعت؟ قال: ومن لي بارتياعي منهم، ولو قرضت بالمقاريض بعد إرضاء رسول الله صلى الله عليه وعلى آله عني في وقايتي لولده بنفسي.
وحدثني عن جده، عن أبي عبد الله الفارسي قال: حججنا مع القاسم بن إبراهيم عليه السلام، فاستيقظت في بعض الليل وافتقدته، فخرجت وأتيت المسجد الحرام؛ فإذا أنا به وراء المقام لاطئا بالأرض ساجدا، وقد بل الثرى بدموعه، وهو يقول: إلهي من أنا فتعذبني، فوالله ما يشين ملكك معصيتي، ولا يزين ملكك طاعتي.
وحدثني رحمه الله، عن عبد الله بن أحمد بن سلام رحمه الله، أنه قال عن نفسه أو عن أبيه: لست أجسر على النظر في (كتاب الهجرة) للقاسم عليه السلام، وأومى إلى أن ذلك لما فيه من التخشين والتشديد في الزهد وترك الدنيا والتباعد من الظالمين.
وحكى الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين عليه السلام عن أبيه أن المأمون كلف بعض العلوية أن يتوسط بينه وبين القاسم عليه السلام، ويصل ما بينهما على أن يبذل له مالا عظيما، فخاطبه في أن يبدأه بكتاب أو يجيب عن كتابه، فقال عليه السلام: لا يراني الله تعالى أفعل ذلك أبدا!!
صفحہ 94