زحل شرى مريخه من شمسه فتزهرت بعطارد أقمار وتدبيرها مرتب كترتيب ذكرها في البيت أولها زحل وآخرها في التدبير القمر، قالوا فكل نجم يتولى تدبير شهر فإذا فرغت عاد التدبير إلى الأول، ومن كلامهم أن هذه النجوم المذكورة تدبر الجنين في بطن أمه أولا فأولا شهرا فشهرا فإذا أكمل الشهر السابع عاد التدبير إلى أولها وهو زحل فيدير الجنين في الشهر الثامن فإن خرج فيه الولد هلك لأن من طبع زحل البرودة واليبس وإن خرج في التاسع عاش إلا لعارض إذ طبع المشتري الحرارة واللين ثم كذلك، وهم مجمعون على أن النجوم تنفع وتضر، لكن منهم من يقول تأثيرها على جهة الإيجاب ولا قدرة لها ولا حياة وهو قول أكثرهم، ومنهم من يقول تأثيرها على جهة الصحة والاختيار وهي حية قادرة عالمة وهذه دعوى لا دليل عليها.
وإذا بطل أن تكون هذه الأشياء مؤثرة لم يبق إلا أن يكون المؤثر الصانع المختار وهو الله تعالى لا غيره، لأن غيره ممن كان صانعا مختارا إن قلنا إنه هو الذي أحدث نفسه فباطل، إذ لابد من التمييز بين المؤثر والمؤثر ولأنه يلزم أن يتقدم على نفسه لتقدم المؤثر على المؤثر وهكذا يجري في كل جسم، وإن كان المحدث غيره والحال أنه غير الله فباطل أيضا لأنه لا يصح من جسم إحداث جسم وإلا لصح منا إما في الحال أو بأن توجد فينا قدرة مخصوصة ومعلوم أنه لا يصح منا بوجه من الوجوه، إذ لو صح منا لكان إما على جهة المباشرة أو التعدي أو الاختراع والكل مستحيل، أما الأولان فلأن المباشر ما وجد في محل القدرة بواسطة فعل في محلها والجسم لا يصح حلوله في جسم آخر وإلا لزم التداخل،والمتعدي ما وجد في محل غير محل القدرة.
صفحہ 42