الاعتصام للشاطبى
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
تحقیق کنندہ
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
پبلشر کا مقام
السعودية
وَيَلِينُ لَهَا الْجِلْدُ، وَهُوَ الَّذِي يَتَوَاجَدُونَ عِنْدَهُ التَّوَاجُدَ الْمَحْمُودَ، فَسَمَاعُ الْقُرْآنِ عِنْدَهُمْ سَمَاعٌ، وَكَذَلِكَ سَمَاعُ السُّنَّةِ وَكَلَامُ الْحُكَمَاءِ وَالْفُضَلَاءِ حَتَّى أَصْوَاتُ الطَّيْرِ وَخَرِيرُ الْمَاءِ وَصَرِيرُ الْبَابِ، وَمِنْهُ سَمَاعُ الْمَنْظُورِ أَيْضًا إِذَا أَعْطَى حِكْمَةً، وَلَا يَسْتَمِعُونَ هَذَا الْأَخِيرَ إِلَّا فِي الْفَرَطِ بَعْدَ الْفَرَطِ، وَعَلَى غَيْرِ اسْتِعْدَادٍ، وَعَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْإِلْذَاذِ وَالْإِطْرَابِ، وَلَا هُمْ مِمَّنْ يَدُومُ عَلَيْهِ أَوْ يَتَّخِذُهُ عَادَةً؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ قَادِحٌ فِي مَقَاصِدِهِمُ الَّتِي بَنَوْا عَلَيْهَا.
وَلِذَلِكَ قَالَ الْجُنَيْدُ: " إِذَا رَأَيْتَ الْمُرِيدَ يُحِبُّ السَّمَاعَ؛ فَاعْلَمْ أَنَّ فِيهِ بَقِيَّةً مِنَ الْبِطَالَةِ ".
وَإِنَّمَا لَهُمْ مِنْ سَمَاعِهِ - إِنِ اتَّفَقَ - وَجْهُ الْحِكْمَةِ - إِنْ كَانَ فِيهِ حِكْمَةٌ ـ، فَاسْتَوَى عِنْدَهُمُ النَّظْمُ وَالنَّثْرُ، وَإِنْ أَطْلَقَ أَحَدٌ مِنْهُمُ السَّمَاعَ عَلَى الصَّوْتِ الْحَسَنِ الْمُضَافِ إِلَى شِعْرٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ فَمِنْ حَيْثُ فَهِمَ الْحِكْمَةَ لَا مِنْ حَيْثُ يُلَائِمُ الطِّبَاعَ؛ لِأَنَّ مَنْ سَمْعِهِ مِنْ حَيْثُ يَسْتَحْسِنُهُ؛ فَهُوَ مُتَعَرِّضٌ لِلْفِتْنَةِ، فَيَصِيرُ إِلَى مَا صَارَ إِلَيْهِ السَّمَاعُ الْمُلِذُّ الْمُطْرِبُ.
وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ السَّمَاعَ عِنْدَهُمْ مَا تَقَدَّمَ:
مَا ذُكِرَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ الْمَغْرِبِيِّ: أَنَّهُ قَالَ: " مَنِ ادَّعَى السَّمَاعَ وَلَمْ يَسْمَعْ صَوْتَ الطَّيْرِ وَصَرِيرَ الْبَابِ وَتَصْفِيقَ الرِّيَاحِ؛ فَهُوَ مُفْتَرٍ مُبْتَدِعٌ ".
وَقَالَ الْحُصَرِيٌّ: " أَيْشٍ أَعْمَلُ بِسَمَاعٍ يَنْقَطِعُ مِمَّنْ يَسْمَعُ مِنْهُ؟ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سَمَاعُكَ سَمَاعًا مُتَّصِلًا غَيْرَ مُنْقَطِعٍ ".
وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَالِمٍ؛ قَالَ: " خَدَمْتُ سَهْلَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيَّ سِنِينَ، فَمَا رَأَيْتُهُ تَغَيَّرَ عِنْدَ سَمَاعِ شَيْءٍ يَسْمَعُهُ مِنَ الذِّكْرِ أَوِ الْقُرْآنِ أَوْ غَيْرِهِ،
1 / 360