الاعتصام للشاطبى
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
تحقیق کنندہ
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
پبلشر کا مقام
السعودية
الْمُؤَثِّرُ فِي الطِّبَاعِ، فَيُهَيِّجُهَا إِلَى مَا يُنَاسِبُهَا، وَهِيَ الْحَرَكَاتُ عَلَى اخْتِلَافِهَا.
فَكُلُّ تَأَثُّرٍ فِي الْقَلْبِ مِنْ جِهَةِ السَّمَاعِ تَحْصُلُ عَنْهُ آثَارُ الْكَوْنِ وَالْخُضُوعِ؛ فَهُوَ رِقَّةٌ، وَهُوَ التَّوَاجُدُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ كَلَامُ الْمُجِيبِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مَحْمُودٌ.
وَكُلُّ تَأَثُّرٍ يَحْصُلُ عَنْهُ ضِدُّ السُّكُونِ؛ فَهُوَ طَرَبٌ لَا رِقَّةَ فِيهِ وَلَا تَوَاجُدَ، وَلَا هُوَ عِنْدَ شُيُوخِ الصُّوفِيَّةِ مَحْمُودٌ.
لَكِنَّ هَؤُلَاءِ الْفُقَرَاءَ لَيْسَ لَهُمْ مِنَ التَّوَاجُدِ - فِي الْغَالِبِ - إِلَّا الثَّانِي الْمَذْمُومَ، فَهُمْ إِذًا مُتَوَاجِدُونَ بِالنَّغَمِ وَاللُّحُونِ، لَا يُدْرِكُونَ مِنْ مَعَانِي الْحِكْمَةِ شَيْئًا، فَقَدْ بَاؤُوا إِذًا بِأَخْسَرِ الصَّفْقَتَيْنِ، نَعُوذُ بِاللَّهِ.
وَإِنَّمَا جَاءَهُمُ الْغَلَطُ مِنْ جِهَةِ اخْتِلَاطِ الْمَنَاطَيْنِ عَلَيْهِمْ، وَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُمُ اسْتَدَلُّوا بِغَيْرِ دَلِيلٍ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ﴾ [الذاريات: ٥٠]، وَقَوْلُهُ: ﴿لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا﴾ [الكهف: ١٨]؛ لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى الْمَعْنَى، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ (تَعَالَى): ﴿إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا﴾ [الكهف: ١٤]؛ أَيْنَ فِيهِ أَنَّهُمْ قَامُوا يَرْقُصُونَ أَوْ يَزْفِنُونَ أَوْ يَدُورُونَ عَلَى أَقْدَامِهِمْ؟ وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَهُوَ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ الدَّاخِلِ تَحْتَ هَذَا الْجَوَابِ.
وَوَقَعَ فِي كَلَامِ الْمُجِيبِ لَفْظُ السَّمَاعِ غَيْرَ مُفَسَّرٍ، [فَـ] فَهِمَ مِنْهُ الْمُحْتَجُّ أَنَّهُ الْغِنَاءُ الَّذِي تَسْتَعْمِلُهُ شِيعَتُهُ، وَهُوَ فَهْمُ عُمُومِ النَّاسِ، لَا فَهْمُ الصُّوفِيَّةِ؛ فَإِنَّهُ عِنْدَهُمْ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ صَوْتٍ أَفَادَ حِكْمَةً يَخْضَعُ لَهَا الْقَلْبُ،
1 / 359