175

الاعتصام للشاطبى

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

ایڈیٹر

سليم بن عيد الهلالي

ناشر

دار ابن عفان

ایڈیشن

الأولى

اشاعت کا سال

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

پبلشر کا مقام

السعودية

وَحَاصِلُ مَا ذُكِرَ هُنَا أَنَّ كُلَّ مُبْتَدِعٍ آثِمٌ، وَلَوْ فُرِضَ عَامِلًا بِالْبِدْعَةِ الْمَكْرُوهَةِ إِنْ ثَبَتَ فِيهَا كَرَاهَةُ التَّنْزِيهِ، لِأَنَّهُ إِمَّا مُسْتَنْبِطٌ لَهَا، فَاسْتِنْبَاطُهُ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ غَيْرُ جَائِزٍ، وَإِمَّا نَائِبٌ عَنْ صَاحِبِهَا، مُنَاضِلٌ عَنْهُ فِيهَا بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ يَجْرِي مَجْرَى الْمُسْتَنْبِطِ الْأَوَّلِ لَهَا، فَهُوَ آثِمٌ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ.
لَكِنْ يَبْقَى هُنَا نَظَرٌ فِي الْمُبْتَدِعِ وَصَاحِبِ الْهَوَى; بِحَيْثُ يَتَنَزَّلُ دَلِيلُ الشَّرْعِ عَلَى مَدْلُولِ اللَّفْظِ فِي الْعُرْفِ الَّذِي وَقَعَ التَّخَاطُبُ بِهِ، إِذْ يَقَعُ الْغَلَطُ أَوِ التَّسَاهُلُ، فَيُسَمَّى مَنْ لَيْسَ بِمُبْتَدِعٍ مُبْتَدِعًا، وَبِالْعَكْسِ إِنْ تُصُوِّرَ، فَلَا بُدَّ مِنْ فَضْلِ اعْتِنَاءٍ بِهَذَا الْمَطْلَبِ حَتَّى يَتَّضِحَ بِحَوْلِ اللَّهِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وَلْنُفْرِدُهُ فِي فَصْلٍ، فَنَقُولُ:
[فَصْلٌ أَقْسَامُ الْمَنْسُوبِينَ إِلَى الْبِدْعَةِ]
لَا يَخْلُو الْمَنْسُوبُ إِلَى الْبِدْعَةِ أَنْ يَكُونَ: مُجْتَهِدًا فِيهَا، أَوْ مُقَلِّدًا.
وَالْمُقَلِّدُ: إِمَّا مُقَلِّدٌ مَعَ الْإِقْرَارِ بِالدَّلِيلِ الَّذِي زَعَمَهُ الْمُجْتَهِدُ دَلِيلًا وَالْأَخْذُ فِيهِ بِالنَّظَرِ، وَإِمَّا مُقَلِّدٌ لَهُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ، كَالْعَامِّيِّ الصِّرْفِ.
فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:
فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَصِحَّ كَوْنُهُ مُجْتَهِدًا، فَالِابْتِدَاعُ مِنْهُ لَا يَقَعُ إِلَّا فَلْتَةً وَبِالْعَرَضِ لَا بِالذَّاتِ، وَإِنَّمَا تُسَمَّى غَلْطَةً أَوْ زَلَّةً; لِأَنَّ صَاحِبَهَا لَمْ يَقْصِدْ

1 / 193