وكان أول ظهوره وارتفاعه أن المخلوع محمد بن الرشيد لما قتل، أمر طاهر بن الحسين الكتاب أن يكتبوا إلى المأمون، فأطالوا، فقال طاهر: أُريد أخصر من هذا! فوصف له أحمد بن يوسف وموضعه من البلاغة، فأحضره لذلك، فكتب: أما بعد، فإن المخلوع وإن كان قسيم أمير المؤمنين في النسب واللحمة، فقد فرق بينهما حكم الكتاب والسنة في الولاية والحرمة، لمفارقته عصمة الدين وخروجه عن الأمر الجامع للمسلمين، لقول الله ﷿ فيما اقتص علينا من نبأ نوح: " يا نوحُ إنّه ليس من أهلِك إنه عملٌ غيرُ صالح "، ولا صلة لأحد في معصية الله، ولا قطيعة ما كانت القطيعة في ذات الله، وكتابي إلى أمير المؤمنين وقد قتل الله المخلوع ورداه رداء نكثه، وأحصد لأمير المؤمنين أمره، وأنجز له ما كان ينتظره من سابق وعده، والحمد لله رب العالمين، الراجع إلى أمير المؤمنين معلوم حقه، الكائد له من ختر عهده، ونقض عقده، حتى رد الله به الألفة بعد فرقتها، وجمع به الأمة بعد شتاتها، وأحيا به أعلام الدين بعد دروسها، وقد بعثت إليك بالدنيا وهي رأس المخلوع، وبالآخرة
1 / 114