أنا أقل من أن يشكوني إلى أحمد، وأن يسر علي ضغنًا، فقال له: ويحك وما ذاك؟ فخبره بما بلغه، ولم يسم له من خبره، فقال له: لم يكن الأمر كما بلغك، إنما ذكرت جملةً من تفصيل كنت على إخبارك به وموافقتك عليه، فجرى شيء من جنسه، فليحسن ظنك! ولم يزل يؤنسه حتى طابت نفسه، وتحلل ما كان دخل عليه، ثم ضمه وقبل عمرو يده وانصرف. قال أحمد بن أبي خالد: فغدوت على المأمون فقال: يا أحمد ما لمجلسي حرمة؟ فقلت: يا أمير المؤمنين وهل الحرمات إلا لما فضل من مجلسك! فقال: ما أراكم ترضون بهذه المعاملة فيما بينكم! فقلت له: وأي معاملة؟ فقال: ذهب بعض بني هشام، فحكى لعمرو ما جرى أمس في المجلس، فجاءني متنصلًا مظهرًا ما وجب أن يظهره، فاعتذرت إليه وتبين الخجل في، كأني اعتذرت من شيء قلته، ولقد أعطيته ما يقنعه مني أقله، لما داخلني من الحياء منه.. فقلت: أُعيذك بالله من سوء الظن يا أمير المؤمنين، أنا أخبرته ببعض ما جرى، لا بعض بني هشام! قال: وما حملك على ذلك؟ قلت: الشكر لك والنصح والمحبة لأن تتم نعمتك على أوليائك وخدمك، ولعلمي بأن أمير المؤمنين يحب أن يصلح له الأعداء، فضلًا عن الأولياء والأوداء، لا سيما مثل عمرو في دنوه من الخدمة وموقعه من العمل، ومكانه من رأي أمير المؤمنين، فخبرته بما كان منه ليصلحه، ويقيم من نفسه أودها لسيده ومولاه، ويتلافى ما
1 / 111