ابراہیم ابو الانبیاء
إبراهيم أبو الأنبياء
اصناف
فأنبأته بقصتها، وعرفها بنفسه، فدهشت وعجبت لطفل يكبر ويتكلم ولما يمض على مولده شهر واحد.
قال لها: إنها قدرة الله الذي يرى ولا يرى.
ويظن جامعو الأساطير اليهودية أن وصف الله بهذه الصفة منقول من أصل عربي اطلع عليه يهود الأندلس، ثم اختلفت تفصيلاته عند نقلها إلى العبرية.
قالت أمه وقد ازداد عجبها: أإله غير النمروذ؟
قال: نعم يا أماه، رب السموات والأرض، ورب النمروذ بن كنعان؛ فاذهبي وبلغي النمروذ ما سمعت.
وأنبأت زوجها تارح - وكان أميرا من أمراء الملك - فذهب إليه يطلب لقاءه، فأذن له باللقاء، فسجد بين يديه، ولم يكن من عادتهم إذا سجد أحدهم بين يدي الملك أن يرفع رأسه بغير أمره، فلما أمره الملك أن ينهض ويتكلم روى له القصة، ففزع وفزع أعوانه ووزراؤه، ثم ملكوا جأشهم وقالوا له: علام هذا الفزع من صبي لا حول له ولا قوة ومن أمثاله في المملكة ألوف وألوف؟!
قال لهم النمروذ: وهل رأيتم صبيا في العشرين يتكلم وينطق بمثل هذا البيان؟
وخشي الشيطان أن يسبق الإيمان إلى قلب الملك، فبرز لهم وأزال ما بهم من الروع، وحرض الملك على قتل الصبي، فحشد له جندا من القادة والفرسان، وخرجوا إلى الكهف الذي قيل لهم إن الصبي مختبئ فيه، فإذا بينه وبينهم سحب لا ينفذ النظر إلى ما وراءها، وإذا بهم مجفلون لا يقدرون على الثبات.
فلما عادوا إلى النمروذ وشرحوا له ما عاينوه قال لهم: لا مقام لنا بهذه الديار! وخرج من بلده إلى أرض بابل، فلحق به إبراهيم على جناح جبريل، ولقي هناك أبويه، ثم بدأ بالدعوة إلى الله؛ الإله الأحد الذي لا إله غيره، رب السماوات ورب الأرباب، ورب النمروذ، وأنذرهم أن يتركوا عبادة الصنم الذي صنعوه على مثال النمروذ؛ فإن له فما ولكنه لا ينطق، وعينا ولكنه لا يبصر، وأذنا ولكنه لا يسمع، وقدما ولكنه لا يسعى ولا ينفع نفسه ولا يغني عن غيره شيئا.
وأسرع أبوه إلى الملك يبلغه أن ابنه إبراهيم طوى مسيرة أربعين يوما في أقل من يوم، ثم لحق به إبراهيم إلى قصر الملك فهز عرشه بيديه وصاح به: «أيها الشقي، إنك تنكر الحق، وتنكر الله الحي الصمد، وتنكر عبده إبراهيم خادم بيته الأمين.»
نامعلوم صفحہ