60

ثم انتهى الحال على أن يخلعوا أطواق الحديد من رقابهم، وأن من خرج عن الكتاب والسنة ضربت عنقه.

وكان من أجل ذلك أن كتب الشيخ جزءا في هذه الطريقة، وبين فيه أحوالهم ومسالكهم وتخيلاتهم، وما فيها من مقبول ومردود بالكتاب، وأظهر الله السنة على يديه، وأخمد بدعتهم وباطل ما كانوا يعملون. (4)

وتقوم الفتنة مرة ثالثة بشأن عقيدته في هذه السنة نفسها، بحيث يصح لنا أن نسميها «سنة المحنة» أو «سنة المحن المتتابعة». وذلك أنه في أوائل رمضان من هذه السنة ورد إلى دمشق كتاب من السلطان يحمل ابن تيمية إلى القاهرة للكشف عما كان منه، فتوجه إليها على البريد وخرج معه خلق كثير من أصحابه باكين خائفين عليه من أعدائه.

وكان من نائب السلطنة ابن الأفرم أن أشار عليه - كما يذكر ابن كثير

7 - بعدم الذهاب إلى مصر، وقال له: أنا أكاتب السلطان في ذلك وأصلح القضايا. فاعتذر الشيخ عن عدم قبول هذه المشورة، وذكر له أن الخير في الذهاب إلى مصر، وأن في ذلك مصالح كثيرة.

فلما جاءت لحظة السفر إلى مصر ازدحم الناس لوداعه ورؤيته، «وهم بين باك وحزين من أجله، ومتفرج ومتنزه، ومزاحم متغال فيه»، كما يقول ابن كثير. ووصل الشيخ إلى القاهرة في الثاني والعشرين من رمضان، وعقد له غداة يوم وصوله مجلس بالقلعة اجتمع فيه القضاة وأكابر الدولة، وأقيم الشمس بن عدنان مدعيا احتسابا، ثم أخذوا في التحقيق معه.

وهنا ينبغي أن نشير إلى ما ذكره ابن رجب بشأن هذه المسألة ،

8

وهو أن المصريين هم الذين دبروا الحيلة في أمر الشيخ، ورأوا أنه لا يمكن البحث والجدل معه، وأجمعوا أمرهم على أن يعقد له مجلس ويدعى عليه فيه وتقام عليه الشهادات.

وكان القائمون في ذلك منهم بيبرس الجاشنكير الذي صار سلطانا فيما بعد، ونصر المنبجي،

نامعلوم صفحہ