الكهفة ، وماءة يقال لها : البعوضة ، وبين فيد والجبيل ستة وعشرون ميلا. وقال ابن بليهد (1): فيد : شهرته تغني عن تحديده ، وهو باق باسمه إلى هذا العهد ، وهو بين بلاد بني أسد وبلاد طيء ، وهو بشرقي سلمى كما ذكره زهير حين قال :
(ماء بشرقي سلمى فيد أو ركك)
ذكر ابن جبير قال : وأصبحنا على فيد يوم الأحد ، وهي حصن كبير مبرج مشرف في بسيط من الأرض يمتد حوله ربض يطيف به سور عتيق البنيان. وهو معمور بسكان من الأعراب يتعيشون مع الحاج في التجارات والمبايعات وغير ذلك من المرافق ، وهناك يترك الحاج بعض أزوادهم إعدادا للأرمال ، والزاد عند انصرافهم ، ولهم بها معارف يتركون أزوادهم عندهم. وهذا نصف الطريق من بغداد إلى مكة (2) على المدينة (شرفها الله)، أو أقل سيرا منها ، ومنها إلى الكوفة اثنى عشر يوما في طريق سهلة طيبة ، والمياه فيها بحمد الله موجودة في مصانع كثيرة (3). وذكر البكري (4): كان فيد فلاة من الأرض بين أسد وطيء في الجاهلية. فلما قدم زيد الخيل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) أقطعه فيدا ، كذلك روى هشام بن الكلبي ، عن أبي مخنف في حديث فيه طول. وأول من حفر فيه حفرا في الإسلام أبو الديلم مولى يزيد بن عمرو بن هبيرة ، فاحتفر العين التي هي اليوم قائمة ، وأساحها وغرس عليها فكانت بيده حتى قام بنو العباس فقبضوها من يده ، هكذا قال السكوني. وشعر زهير ، وهو جاهلي يدل [على] أنه كان فيها شرب ، وذلك قوله :
ثم استمروا وقالوا إن مشربكم
ماء بشرقي سلمى فيد أو ركك
صفحہ 57