حب ابن أبی ربیعہ و شعرہ

زكي مبارك d. 1371 AH
166

حب ابن أبی ربیعہ و شعرہ

حب ابن أبي ربيعة وشعره

اصناف

وتحمل في ليلى علي الضغائن

فقالت له: ما عدوت ما في نفسي، ووصلته فأجزلت. ولهذين البيتين حديث ذكره الشعبي إذ قال: دخلت المسجد، فإذا أنا بمصعب بن الزبير على سرير جالس والناس عنده، فسلمت ثم ذهبت لأنصرف، فقال لي: ادن، فدنوت حتى وضعت يدي على مرافقه، ثم قال: إذا قمت فاتبعني، فجلس قليلا ثم نهض، فتوجه نحو دار موسى بن طلحة فتبعته، فلما طعن في الدار التفت إلي فقال: ادخل. فدخلت معه ومضى نحو حجرته وتبعته، فالتفت إلي فقال: ادخل، فدخلت معه فإذا حجلة، وإنها لأول حجلة رأيتها لأمير

49

فقام ودخل الحجلة، فسمعت حركة، فكرهت الجلوس، ولم يأمرني بالانصراف، فإذا جارية قد خرجت فقالت: يا شعبي إن الأمير يأمرك أن تجلس، فجلست على وسادة، ورفع سجف الحجلة فإذا أنا بمصعب بن الزبير، ورفع السجف الآخر فإذا أنا بعائشة بنت طلحة، قال: فلم أر زوجا قط كان أجمل منهما؛ مصعب وعائشة، فقال مصعب: يا شعبي هل تعرف هذه؟ فقلت: نعم، أصلح الله الأمير، قال: ومن هي؟ قلت: سيدة نساء المسلمين عائشة بنت طلحة، قال: لا، ولكن هذه ليلى الذي يقول فيها الشاعر:

وما زلت من ليلى لدن طر شاربي

وذكر البيتين، ثم قال: إذ شئت فقم، فلما كان العشي رحت وإذا هو جالس على سريره في المسجد، فسلمت فلما رآني قال لي: ادن، فدنوت حتى وضعت يدي على مرافقه، فأصغى إلي فقال: هل رأيت مثل ذلك الإنسان قط؟ قلت: لا والله! قال: أفتدري لم أدخلناك؟ قلت: لا! قال: لتحدث بما رأيت! ثم التفت إلى عبد الله بن أبي فروة، فقال: أعطه عشرة آلاف درهم، وثلاثين ثوبا، قال : فما انصرف أحد بمثل ما انصرفت به: بعشرة آلاف درهم، وبمثل كارة القصاب ثيابا، وبنظرة من عائشة بنت طلحة!

وهذه النظرة من عائشة بنت طلحة لها موقعها الخاص، فسنرى كيف يقول الغريض مثل هذا أيضا حين يحمل إليها كتاب الحارث بن خالد المخزومي، وما كان أحرصهم على انتهاب ذلك الوجه المشرق الفصيح!

وكانت لئيمة تصر على العنف، وتبيت العدوان، يؤيد هذا ما كان بينها وبين زوجها الأول، إذ مات وهي عنده فلم تفتح فاها عليه بالرغم من أنه كان ابن خالها، وأنها تزوجته برأي خالتها عائشة أم المؤمنين، فقد كانت أم عائشة بنت طلحة أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق، وزوجها هذا هو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، وكان صاحب الفضل عليها إذ لم تلد من أحد من أزواجها سواه: ولدت له عمران وبه كانت تكنى،

50

وعبد الرحمن وأبا بكر وطلحة ونفيسة، وكان ابنها طلحة من أجواد قريش، وله يقول الحزين الدؤلي:

نامعلوم صفحہ