ومن أظرف اللحظات التي طابت فيها نفس تلك الحسناء الظلوم ما حدث به ابن سلام إذ قال: حجت عائشة بنت طلحة، فجاءتها الثريا وأخواتها ونساء أهل مكة القرشيات وغيرهن، وكان الغريض فيمن جاء، فدخل النسوة عليها فأمرت لهن بكسوة وألطاف كانت قد أعدتها لمن يجيئها، فجعلت تخرج كل واحدة ومعها جاريتها، ومعها ما أمرت لها به عائشة، والغريض بالباب حتى خرج مولياته مع جواريهن الخلع والألطاف، فقال الغريض: فأين نصيبي من عائشة، فقلن له: أغفلناك وذهبت عن قلوبنا، فقال: ما أنا ببارح من بابها أو آخذ بحظي منها، فإنها كريمة بنت كرام، واندفع يغني بشعر جميل:
تذكرت ليلى فالفؤاد عميد
وشطت نواها فالمزار بعيد
فقالت: ويلكم! هذا مولى العبلات بالباب يذكر بنفسه،
47
هاتوه، فدخل، فلما رأته ضحكت وقالت: لم أعلم بمكانك، ثم دعت له بأشياء أمرت له بها، ثم قالت له: إن أنت غنيتي صوتا في نفسي فلك كذا وكذا، شيء سمته له ذهب عن ابن سلام، قال: فغناها في شعر كثير.
وما زلت من ليلى لدن طر شاربي
إلى اليوم أخفي حبها وأداجن
48
وأحمل في ليلى لقوم ضغينة
نامعلوم صفحہ