فإن التولية: أن يعطي المشتري السلعة لغيرة بمثل الثمن الذي اشتراها به، وهذا أبلغ من البيع بثمن المثل، ومع هذا فلا يجبر المشتري على أن يبيعه لأجنبي غير الشريك إلا بما شاء، إذ لا حاجة بذاك إلى شرائه كحاجة الشريك.
فأما إذا قدر أن قومًا اضطروا إلى سكنى في بيت إنسان إذا لم يجدوا مكانًا يأوون إليه إلا ذلك البيت فعليه أن يسكنهم وكذلك لو احتاجوا إلى أن يعيرهم ثيابًا يستدفئون بها من البرد، أو إلى آلات يطبخون بها، أو يبنون أو يسقون، يبذل هذا مجانًا، وإذا احتاجوا إلى أن يعيرهم دلوا يستقون به أو قدرًا يطبخون فيه، أو فأسًا يحفرون به، فهل عليه بذله بأجرة المثل لا بزيادة؟ فيه قولان للعلماء في مذهب أحمد وغيره١.
والصحيح وجوب بذل ذلك مجانًا إذا كان صاحبها مستغنيًا عن تلك المنفعة وعوضها، كما دل عليه الكتاب والسنة، قال الله تعالى:
﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ، الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ، الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ، وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ [الماعون: ٤- ٧] .
وفي السنن عن ابن مسعود قال: كنا نعد "الماعون" عارية الدلو القدر والفأس. وفي الصحيحين عن النبي ﷺ أنه لما ذكر الخيل قال: "هي لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر، فأما الذي هي له أجر فرجل ربطها تغنيًّا وتعففًا، ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها" ٢.
وفي الصحيحين عن النبي ﷺ أنه قال:
"من حق الإبل إعارة دلوها وإضراب فحلها" ٣.
وثبت عنه ﷺ أنه:
_________
١ انظر في ذلك المجموع للإمام النووي "١٣/ ٣٩".
٢ رواه باختلاف في اللفظ البخاري في صحيحه "٦/ ٦٣" و"١٣/ ٣٢٩" ومسلم في صحيحه "٧/ ٧٠".
٣ لم أجده في البخاري. وروى نحوه مسلم في صحيحه "٧/ ٧٦" والإمام أحمد في مسنده "٣/ ٣٢١".
1 / 37