بونابرت ضابط في المدفعية سنة 1787
أما تيسو الطبيب فلم يتنازل إلى الإجابة عن هذا الكتاب، ولم يعلم أكان ذلك منه نسيانا أم إهمالا أم ظنا أن هذا الغريب المجهول يحاول أن يستفيد من علمه مجانا بلا أجر، ولم يدر في خلده أن سائله هذا سيملأ اسمه الخافقين.
الفصل الثاني
ميلاد نابوليون وطفولته
ولد نابوليون في أجاكسيو في 15 أغسطس سنة 1769 بعد أن ضمت كورسيكا إلى فرنسا باتفاق بين جمهورية جينوا ولويس الخامس عشر.
وكان نحيف البدن ضعيفا إلى حد أن أمه استعانت بمرضع لتغذيته خوفا عليه وإشفاقا، ولم تجسر على تعميده إلى أن بلغ السنتين وولدت أخته ماري حنة، فانتهزت الفرصة وعمدتهما في وقت واحد، وكان يمتاز منذ ذلك العهد برأس كبير لا يكاد يستقر على عنقه، وكلما ترعرع زادت ملامحه وضوحا في الدلالة على قلة الصبر وسوء الطبع وشدة العناد، فلم يكن يقوى عليه أحد غير أمه التي كانت على حنوها الشديد نحوه صارمة في معاملته حتى اضطرت مرة إلى جلده، وقد بقي تذكار ذلك الجلد حاضرا في ذهن الإمبراطور إلى الساعة الأخيرة، كما روى خادمه في جزيرة المنفى.
وكان على الرغم من المعارضة واللوم والتأنيب قوي الحجة كثير اللجاج، يحب التدخل في كل أمر، وفي ذلك يقول عند المقابلة بينه وبين ابن الجنرال برتران: «كنت كهذا الولد، عنيدا أحب الخصام ولا أهاب أحدا، فأضرب هذا وأخدش ذاك بأظافري، ولا أخضع إلا لوالدتي التي كانت تعرف أن تضع الجزاء والعقاب كلا في موضعه.»
ومن الحوادث التي تظهر بعض ما كان عليه نابوليون من العزم والعناد في طفولته، ما روته الكونتيسة دورسه عن أمه وكان عمره يومئذ 7 سنين، قالت: «كان نابوليون يتمشى في الحديقة فدهمه المطر، وكانت أمه تراقبه من وراء زجاج النافذة وتشير عليه بالدخول، إما هو فلم يحفل بإشارتها وظل على حاله دون أن يسرع الخطى على الرغم من انهمار السيل وقصف الرعد وثوران الزوبعة، بل كان كأنه يشعر بلذة غريبة لوجوده في تلك الحالة، ولما انقطع الماء وصفت السماء عاد وقد أصابه البلل حتى العظم كما يقولون، وسار توا إلى أمه يستغفرها عن هذا العصيان محتجا بوجود التعود على معاكسات الجو؛ لأنه سيكون جنديا.»
المدرسة الحربية الملكية في عهد لويس السادس عشر.
وكانت رغبته في الخدمة الحربية ظاهرة في أكثر حركاته، فكان يرسم على الجدار صور الجنود وقد اصطفت للقتال، كما كان يبدل من خبزه الأبيض بخبز الجنود الأسمر.
نامعلوم صفحہ