تنصب بأفعال مضمرة لا تكاد تستعمل معها. والتعريف فيه للجنس ومعناه الإشارة إلى ما يعرفه كل أحد أن الحمد ما هو، أو للاستغراق إذ الحمد في الحقيقة كله له إذ ما من الدوام والثبات ولو بالقرينة إذا لم يكن خبرها فعلا والخبر ههنا فعل عند البصريين، وأجيب بأن المختار ههنا مذهب الكوفيين وهو تقدير اسم الفاعل ولو سلم فما تقرر إنما يكون فيما إذا كان الخبر فعلا صريحا نحو زيد قام والفرق بينه وبين المقدر ظاهر فظهر أن الثبوت يستفاد من الرفع وإخراج الكلام على صورة الإسمية فأما عموم الحمد فإنما يستفاد من لام الاستغراق الداخلة عليه لا من مجرد العدول إلى الرفع والمعنى عدل عنه إلى الرفع ليدل على ثبات الحمد الملحوظ على وجه العموم بكونه محلى بلام الاستغراق فإن الجملة الإسمية موضوعة للدلالة على مجرد ثبوت المسند للمسند إليه مع قطع النظر عن كون ذلك الثبوت بطريق التجدد والحدوث أو بطريق الدوام، ولا يقصد بها الدوام والثبات إلا بقرينة المقام ومعونته وكذا لا يستفاد منها عموم المسند إلا بواسطة اللام الداخلة عليه وثبات الحمد العام المستغرق لجميع أفراده إنما يحصل بالعدول إلى رفع الحمد المحلى بلام الاستغراق.
قوله: (لا تكاد تستعمل معها) من تمام صلة التي أي من المصادر التي لا تكاد تلك المصادر تستعمل مع أفعالها نحو كفرا وشكرا وسقيا وعجبا وغير ذلك وذلك لأنهم لما نزلوا المصادر منزلة أفعالها لفظا وسدوا مسدها معنى حيث اكتفوا بدلالة معاني المصادر على معاني أفعالها انتفت الحاجة إلى ذكر الأفعال بما ناب منابها لفظا ومعنى فلذلك كان استعمالها مع تلك المصادر كالشريعة المنسوخة. قوله: (والتعريف فيه للجنس) ولا يجوز كونه للعهد الخارجي إذ لم يقصد به جهة معينة منه ولا للعهد الذهني لأن اللام إذا قصد به الإشارة إلى المسمى من حيث وجوده في ضمن بعض الأفراد بقرينة كون ما أثبت من الحكم ثابتا له باعتبار تحققه في ضمن الفرد إنما يكون للعهد الذهني إذا وجدت قرينة تدل على أن المقصود الإشارة إلى المسمى من حيث وجوده في ضمن بعض الأفراد لا في ضمن جميعها ولم توجد ههنا قرينة البعضية، فهو إما للجنس فاللام الجارة في لله تفيد اختصاص جنس الحمد به تعالى فاختصاص الجنس يستلزم اختصاص جميع الأفراد لأنه لو ثبت فرد من الحمد لغيره تعالى لثبت الجنس في ضمنه لذلك الغير وهو ينافي اختصاص الجنس به تعالى. قوله: (ومعناه) أي معنى تعريف جنس الحمد بعد تعريفه الإشارة إليه لما تقرر من أن التعريف هو الإشارة إلى المعين باعتبار تعينه وحضوره في علم السامع. قوله: (إذ الحمد في الحقيقة كله له) لم لم يذكر علة كون التعريف فيه للجنس وذكر علة كونه للاستغراق؟ لأن كون اللام لتعريف الجنس ففي أصلي لها يكفي في فهمه منها مجرد العلم بالوضع، فإن اللام موضوعة للتعريف والإشارة والاسم موضوع لمفهوم المسمى وحقيقته فالاسم المعرف باللام يدل بمجرد الوضع
صفحہ 65