234

حاشية شيخ الإسلام زكريا الأنصاري على شرح جمع الجوامع

حاشية شيخ الإسلام زكريا الأنصاري على شرح جمع الجوامع

اصناف

تعارض مقتضيات الألفاظ صاحب المتن: وهو والنقل خلاف الأصل.

الشارح:» وهو «أي المجاز» والنقل خلاف الأصل «، فإذا احتمل اللفظ معناه الحقيقي والمجازي، أو المنقول عنه وإليه، فالأصل -أي الراجح- حمله على الحقيقي، لعدم الحاجة فيه إلى قرينة أو على المنقول عنه، استصحابا للموضوع له أولا، مثالهما: رأيت اليوم أسدا وصليت، أي حيوانا مفترسا ودعوت بخير، أي سلامة منه، ويحتمل الرجل الشجاع والصلاة الشرعية.

المحشي: قوله:» مثالهما «إلى آخره، محله إذا كان التخاطب بالعرف اللغوي إذ لو كان بغيره قدم على اللغوي، كما يعلم مما سيأتي.

صاحب المتن: وأولى من الاشتراك، قيل: ومن الإضمار.

الشارح:» و«المجاز والنقل» أولى من الاشتراك «، فإذا احتمل لفظ هو حقيقة في معنى أن يكون في آخر حقيقة، أو مجازا، أو حقيقة ومنقولا، فحمله على المجاز أو المنقول أولى من حمله على الحقيقة المؤدي إلى الاشتراك، لأن المجاز أغلب من المشترك بالاستقراء، والحمل على الأغلب أولى. والمنقول لأفراد مدلوله قبل النقل وبعده، لا يمتنع العمل به، والمشترك لتعدد مدلوله لا يعمل به إلا بقرينة تعين أحد معنييه مثلا، إلا إذا قيل بحمله عليهما، وما لا يمتنع العمل به أولى من عكسه. فالأول: كالنكاح حقيقة في العقد، مجاز في الوطء، وقيل العكس، وقيل: مشترك بينهما، فهو حقيقة في أحدهما محتمل للحقيقة والمجاز في الآخر، والثاني كالزكاة: حقيقة في النماء، أي الزيادة محتمل فيما يخرج من المال، لأنه يكون حقيقة أيضا: أي لغوية ومنقولا شرعيا.

المحشي: قوله:» قيل والمجاز «الخ، ليس المراد بالمجاز هنا مطلقه المقابل للحقيقة، بل مجاز خاص، وهو المجاز الذي ليس بإضمار، وإلا فالإضمار مجاز أيضا، ولهذا اقتصر ابن الحاجب على ذكر التعارض بين الاشتراك والمجاز.

الشارح:» قيل: و«المجاز والنقل أولى» من الإضمار «، فإذا احتمل الكلام لأن يكون فيه مجاز وإضمار، أو نقل وإضمار، فقيل: حمله على المجاز أو النقل أولى من حمله على الإضمار، لكثرة المجاز وعدم احتياج النقل إلى قرينة، وقيل: الإضمار أولى من المجاز، لأن قرينته متصلة، والأصح أنهما سيان، لاحتياج كل منهما إلى قرينة، وأن الإضمار أولى من النقل، لسلامته من نسخ المعنى الأول. مثال الأول قوله لعبده الذي يولد مثله لمثله -المشهور النسب من غيره-: هذا ابني، أي عتيق، تعبيرا عن اللازم بالملزوم فيعتق.

المحشي: قوله:» لأن قرينته متصلة «: أي به، أي بما يحتاجه إذ لا يدرك معناه إلا بالإضمار، فقرينة الإضمار كون ما يحتاجه لا يدرك إلا به، بخلاف قرينة المجاز فإنها منفصلة خارجة عنه، والأصح اكتفى باحتياج كل منهما إلى قرينة. قوله:» وإن الإضمار أولى من النقل، لسلامته من نسخ المعنى الأول «، أو لأنه من باب البلاغة بخلاف النقل، وكلامه المأخوذ من قول المصنف قيل:» ومن الإضمار «، مصرح بجريان خلاف في تعارض النقل والإضمار.

قال الزركشي والعراقي: والمعروف تقديم الإضمار.

الشارح: أو مثل ابني في الشفقة عليه، فلا يعتق، وهما وجهان عندنا كما تقدم. ومثال الثاني قوله تعالى: (وحرم الربا) البقرة: 275 فقال الحنفي: أي أخذه، وهو الزيادة في بيع درهم بدرهمين مثلا، فإذا أسقطت صح البيع وارتفع الإثم، وقال غيره نقل الربا شرعا إلى العقد، فهو فاسد وإن أسقطت الزيادة في الصورة المذكورة مثلا، والإثم فيها باق.

المحشي: قوله:» وهما وجهان عندنا كما تقدم «: أي مع ترجيح العتق، وترجيح العتق فيه من جهة رجحان المجاز، لا لكونه مجازا حتى يقال: إنه يقتضي ترجيحه على الإضمار، بل لكونه في محل يقتضي أمرا يتشوف الشارع إليه، وذلك خاص بهذا المحل، لا يطرد في غيره، على أن المختار في الروضة أنه لا يحكم بعتقه بمجرد: هذا ابني، بل لابد من نية العتق.

صفحہ 236